كتاب القول الأحمد في أحكام في حرمة المسجد

وذكرهم الله فيمن عنده" 1.
ومن ذلك ذكر الله سبحانه: ما كان مقيداً منه بعدد ووقت، كالذكر أدبار الصلوات من تسبيح وتحميد وتهليل، وما كان غير مقيد كالذكر المطلق الذي شرع الله الإكثار منه وكالصلاة على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغيرها.
ومنها الاعتكاف المشروع ـ وهو المكث في المسجد مدة معينة من الزمن تطول أو تقصر ليصلي ويدعو ويقرأ القرآن، ويذكر الله تعالى ويتأمل حاله وحال المسلمين ويحاسب نفسه ويخلو مع خالقه ويبكي على خطيئته ويجدد توبته ويتعرض لنفحات الله بعد أن تعلق قلبه بربه في أحب البقاع إليه يرجو أن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله جاء في حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله....” وذكر منهم: “رجل معلق قلبه في المساجد، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه” 2.
والمسجد مدرسة للعلم والتعليم، ومنبت التربية والتثقيف منه يتخرج العلماء والأبطال والقادة والمفكرون وفيه يلتقي المسلمون على مائدة القرآن والسنة.
وهو مركز دعوة ومنبر توجيه، فكم نور قلوباً وعمر أفئدة وأزال عنها أوحال الجاهلية وغبش الضلال، وجعلها مؤمنة تقية نقية، مجاهدة قانتة مطيعة عمرت الأرض بالطاعة والإصلاح ونشرت في أنحاء واسعة من المعمورة، فكانت قرآنا يمشي على الأرض ينير للناس مناهج الحق ويهديهم سبيل الرشاد.
__________
1 أخرجه مسلم 3/2074 في كتاب الذكر باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر.
2 أخرجه البخاري 1/161 في كتاب الأذان باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، ومسلم 1/715 في كتاب الزكاة باب فضل إخفاء الصدقة.

الصفحة 372