كتاب القول الأحمد في أحكام في حرمة المسجد

فقد دل هذا الحديث على دخول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المسجد وخروجه منه وهو جنب ولم يبين صلى الله عليه وسلم تحريم مرور الجنب في المسجد فدل ذلك على جوازه.
واعترض على هذا:
أن دخول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المسجد وهو جنب كان ناسياً وخروجه من المسجد كان لحاجة وهي غسل الجنابة.
4- عن عطاء بن يسار قال “ رأيت رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة “1.
فقد دل هذا الأثر على جواز جلوس الجنب في المسجد فمن باب أولى مروره.
واعترض على هذا:
بأنه ليس فيه دلاله على ما استدلوا به عليه لأنه ليس فيه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقرهم عليه بعد علمه به منهم، ولأنه جائز أن يكون ذلك في زمان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل أن يحظر عليهم ذلك2.
أدلة أصحاب القول الثالث على جواز عبور الجنب والحائض المسجد إذا دعت الحاجة والضرورة لذلك.
استدلوا بأدلة الفريقين السابقين المانعين والمجيزين، فحملوا أدلة المانعين عند عدم الحاجة للدخول وحملوا أدلة المجيزين على الحاجة والضرورة فكأنهم جمعوا بين أدلة الفريقين وأخذوا بها جميعاً.
__________
1 أخرجه ابن كثير في تفسير 2/275 وقال صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن مفلح في المبدع 1/189.
2 انظر أحكام القرآن للجصاص 2/204.

الصفحة 391