كتاب واقع الترويح المعاصر لدى الطفل المسلم من وجهة نظر الآباء والأمهات
ثالثاً: آراء العلماء المسلمين نحو الترويح (اللعب) :
قبل أن ننتقل إلى الجانب الميداني يود الباحث أن يعرض تحليلاً لبعض آراء علماء التربية الإسلامية نحو الترويح أو اللعب وحقوق الأبناء على الآباء.
لقد اهتم كثير من علماء المسلمين بتربية الطفل في مختلف جوانبه الدينية والدنيوية، فإن كان بعضهم لا يطلق عليه بالترويح لكن أدرجه تحت عنوان تأديب الصبيان أو تربية الأولاد أو سياسة الأطفال أو التعليم والتعلم ويعرض الباحث لمثل هذا التوجيه وفق ما يلي من الأفكار والتوجيه الإسلامي الذي إما أن تكون عامة للأطفال أو يختص بالترويح.
1 - الغزالي:
“اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها والصبيان أمانة عند والديهم، وقلبه الطاهر جوهرة نفسية ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يُمال به إليه، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبوه وكل معلم له مؤدب، وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم نقش وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له. وقد قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} ، ومهما كان الأب يصونه عن نار الدنيا فإنه يصونه عن نار الآخرة أولى، وحسب نيته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق ويحفظه من قرناء السوء ولا يعوده التنعم ... ثم يشغل في المكتب (الكُتَّاب) فيتعلم القرآن وأحاديث الأخيار وحكايات الأبرار ... ويُعود في بعض النهار المشي والحركة والرياضة حتى لا يغلب عليه الكسل ... وينبغي له أن يؤذن له بعد الانصراف من الكتاب أن يلعب لعباً جميلاً يستريح إليه من تعب المكتب ... فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه إلى التعلم دائماً يميت قلبه ويبطل ذكاءه، وينغص عليه
الصفحة 448
494