كتاب أثر الملل والنحل القديمة في بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام
النصرانيَّة المحرَّفة، أو الديانات الهنديَّة أو المصريَّة القديمة، وحملها مَنْ وافقهم من غلاة الصوفيَّة، وغيرهم.
2- القول بالتثليث:
وهو صورةٌ أخرى من صور الانحراف عن العقيدة الصحيحة.
وقد وُجد لدى بعض الأمم القديمة ـ سيّما الهنديَّة ـ تعاليم دينيَّة تقول باللاهوت الثلاثي.
فقد ظهر التثليث ـ أولاً ـ في الديانة البرهميَّة ـ إحدى الديانات الوضعية في بلاد الهند ـ، والتي كان أتباعها يعبدون القوى المؤثِّرة في الكون وتقلّباته ـ في زعمهم ـ، “ثمَّ لم يلبثوا أن جسَّدوا تلك القوى؛ بأن اعتقدوا حلولها في بعض الأجسام؛ فعبدوا الأصنام لحلولها فيها، وتعدَّدت آلهتهم حتى وصلت إلى ثلاثةٍ وثلاثين إلهاً. ثمّ عرا عقائدهم التغيير والتبديل، حتى انحصر الآلهة في ثلاثة أقانيم، وذلك أنَّهم توهَّموا أنَّ للعالم ثلاثة آلهة، وهي:
1- براهما، وهو الإله الخالق، مانح الحياة، القوي الذي صدرت عنه جميع الأشياء، والذي يرجو لطفه وكرمه جميع الأحياء، وينسبون إليه الشمس التي يكون بها الدفء وانتعاش الأجسام، وتُجري الحياةَ في الحيوان والنبات بزعمهم.
2- سيفا، أو سيوا، وهو الإله المخرِّب المُفني، الذي تصفرُّ به الأوراق الخضراء، ويأتي الهرم بعد الشباب، وتفنى مياه الأنهار في لجج البحار. وينسبون إليه النَّار؛ لأنَّها عنصرٌ مدمِّرٌ مُخرِّبٌ، إن تأجَّجَ لا يُبقي ولا يَذر.
3- ويشنو، أو بشن ... ويعتقدون أن ويشنو هذا حلّ في المخلوقات ليقيَ العالم من الفناء التامّ ... وهذه الآلهة الثلاثة أقانيم لإلهٍ واحدٍ
الصفحة 55
494