كتاب أثر الملل والنحل القديمة في بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام

في زعمهم..”1.
فأتباع الديانة الهندوسيَّة (البرهميَّة) يعتقدون أنّ الله ـ تعالى وتقدَّس ـ له ثلاثة أقانيم؛ براهما (موجد العالم) ، وويشنو (افظ العالم) ، وسيفا (مهلك العالم) 2.
ومن يقرأ في كتب الهندوس، يُلاحظ ـ أيضاً ـ أنّهم يعتقدون بوجود آلهة كثيرة أُخرى أقلّ قدراً من الإله المتقدِّم ذي الأقانيم الثلاثة؛ فالسماء ـ عندهم ـ لها إلهٌ، والأرض لها إلهٌ، والمطر كذلك، والرعد، والنَّار، والصبح… إلخ3.
يقول الشيخ محمَّد أبو زهرة [1974م] : “ودون هذه الآلهة الثلاثة آلهة أخرى، دون هذه الآلهة سلطاناً، وقوَّةً، وعبادة. وهم من هؤلاء في الدرجة الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة4.. “5.
لكنّ هذه الآلهة جميعاً، بل وجميع الكائنات صدرت عن الإله الواحد، وسرت منه روحٌ في الجماد، والنبات، والحيوان؛ فالموجود بحقّ ـ بزعمهم ـ هو الإله وحده، وليست الكائنات جميعها إلاّ مظاهر منه6.
وهذا المذكور أخيراًً من معتقدات البراهمة (الهندوس) ، يُعبَّر عنه بنظرية (وحدة الوجود) التي انتقلت منهم إلى غلاة المتصوِّفة، فحملوها، واعتنقوها،
__________
1 مقارنات الأديان ـ الديانات القديمة ـ لمحمد أبو زهرة ص 24.
2 انظر أديان الهند الكبرى لأحمد شلبي ص 214.
3 انظر آلهة في الأسواق لرؤوف شلبي ص 99-100.
4 وهم رموز وإشارات للإله الكبير؛ فعبادتها هي ـ في الحقيقة- عبادة له.
5 مقارنات الأديان ـ الديانات القديمة- لمحمد أبو زهرة ص 24.
6 انظر الإنسان في ظلّ الأديان ـ المعتقدات والأديان القديمة ـ لعمارة نجيب ص179، 188، 191-192.

الصفحة 56