كتاب أثر الملل والنحل القديمة في بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام

وكذا لو نظرنا في معتقدات البراهمة (الهندوس) ، نلمحها ناضحةً بإنكار النبوات، والتكذيب بوجود الأنبياء؛ فـ (براهما) الرجل الذي ينتسبون إليه قرَّر استحالة بعثة الأنبياء عقلاً.
يقول أبو الفتح محمَّد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت 548هـ) : “ وهؤلاء البراهمة إنَّما انتسبوا إلى رجلٍ منهم يُقال له براهم، وقد مهَّد لهم نفي النبوَّات أصلاً، وقرَّر استحالة ذلك في العقول”1.
ووافق أغلب البوذيَّةِ البراهمةَ في معتقدهم هذا، وعلَّلوا إنكارهم النبوَّةَ بأنّ الأرواح قد أُودِعَتْ قوى تستطيع بها أن تعرف الخير من الشرّ، ومن أجل ذلك لا يُرسل الله رسلاً اكتفاء بذلك2.
وهذا التكذيب بالأنبياء، وعدم الإيمان بهم حقيقةً، وُجِد عند كثيرٍ من الفرق المنتسبة إلى الإسلام:
منها: أغلب فرق الباطنية؛ كالإسماعيليَّة3، والنصيريَّة، والدروز4، ونحوهم؛ الذين يعتقدون أنَّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام طلاَّب دنيا ورئاسة، منهم من أحسن في طلبها، ومنهم من أساء.
__________
1 الملل والنحل للشهرستاني ص 506-507.
2 انظر أديان الهند الكبرى لأحمد شلبي ص 182.
3 من فرق الباطنيَّة. قالت بإمامة محمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق. يجمعها مع فرق الباطنيَّة القول بالظاهر والباطن للنصوص الشرعيَّة، والقول بالتناسخ أيضاً. (انظر طائفة الإسماعيليَّة لمحمد كامل حسين ص 11 وما بعدها) .
4 من فرق الباطنيَّة. تعتقد ألوهيَّة الحاكم بأمر الله. تربَّت في أحضان الإسماعيليَّة، ثمّ انشقت عنها، وخرجت عليها ببعض المعتقدات التي تُخالفها ـ ظاهراً. (انظر الحركات الباطنية للخطيب ص 199) .

الصفحة 63