كتاب تأملات وأحكام في قوله تعالى {ولاتباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}

المبحث الخامس: أحكام المباشرة فيما دون الجماع
المباشرة فيما دون الجماع تنقسم إلى نوعين:
* النوع الأول: المباشرة بغير شهوة.
يجوز للمعتكف أن يباشر زوجته بدون شهوة إذا أمن على نفسه كأن ترجل رأسه أو يكون ذلك على سبيل الشفقة، أو الإكرام (1) . ويدل لهذا قول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصغي إليّ رأسه وهو مجاور وأُرَجِّلُه وأنا حائض» (2) وكانت لا محالة تمس بدن النبي صلى الله عليه وسلم (3) فهذه المباشرة ليست من المباشرة المنهي عنها في قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} .
* النوع الثاني: المباشرة بشهوة.
لا يجوز للمعتكف أن يباشر زوجته بشهوة (4) لقوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ولما صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((السنة على المعتكف ألا يعود مريضا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها)) (5) .
__________
(1) انظر أحكام القرآن للجصاص 1/307 والمغني 3/199 والمجموع 6/525.
(2) أخرجه البخاري 2/256 ومسلم 1/244.
(3) انظر تفسير القرطبي 2/332.
(4) انظر بدائع الصنائع 2/116 وأحكام القرآن لابن العربي 1/96 والمجموع 6/525.
(5) أخرجه أبوداود 2/836-837 والدارقطني 2/201 والبيهقي 4/315 و320 وصحح الشيخ الألباني إسناده في إرواء الغليل 4/139.

الصفحة 107