كتاب تأملات وأحكام في قوله تعالى {ولاتباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}

في المسجد ولا مخالف لهن من الصحابة (1) . وأما إذا خشيت المرأة الفتنة في الاعتكاف في المسجد فإنها لا تعتكف بل تبقى في بيتها (2) ، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
ج- لا يجوز الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، وهذا قول حذيفة بن اليمان وسعيد بن المسيب (3) وعطاء (4) ، وجاء عن سعيد وعطاء ما يخالف هذا القول.
واستدل من قال بهذا القول بما أخرجه البيهقي عن حديفة أنه قال لعبد الله بن مسعود: عكوفا بين دارك ودار أبي موسى وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا اعتكاف إلا في المسجد الحرام" أو قال: "إلا في المساجد الثلاثة" فقال عبد الله: لعلك نسيت وحفظوا أو أخطأت وأصابوا. الشك مني)) وفي رواية أنه قال: "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة" أو قال: "مسجد جماعة" (5) .
والراجح ما ذهب إليه الجمهور لكن يشترط لمن تجب عليه صلاة الجماعة أن يكون في مسجد تقام فيه الجماعة.
__________
(1) انظر المحلى 5/196.
(2) انظر الشرح الممتع 6/511-512.
(3) وأخرج عنه ابن أبي شيبة 3/91 أنه قال: «لا اعتكاف إلا في مسجد نبي» . وأخرج عنه عبد الرزاق 4/346 أنه قال: «لا اعتكاف إلا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم» .
(4) وعنه قال: «لا جوار إلا في مسجد جامع» ثم قال: «لا جوار إلا في مسجد مكة ومسجد المدينة ومنع من مسجد إيلياء» . وعنه أنه أجاز إتمام النذر في مسجد منى لمن نذر أن يعتكف فيه. انظر مصنف عبد الرزاق 4/349 وفتح الباري 4/272.
(5) أخرجه البيهقي في سننه 4/316 والطحاوي في مشكل الآثار 4/20 وابن حزم في المحلى 5/194-195.

الصفحة 110