كتاب نخبة الفكر - دراسة عنها وعن منهجها
(للهِ دَرُّ الَّذِي أَنْشَا حَدَائِقَها ... فَكَمْ رَأَتْ مِن شَذَاهَا الْعُمْيُ بِالْبَصَرِ)
(لا زَالَ يُبْلي ثِيَابَ المجْدِ (1) مَا طَلَعَتْ ... شمْسٌ وَّغرَّدَ شُحْرُورٌ (2) عَلَى الشَّجَرِ)
أما تاريخ تأليفها: فإن الحافظ -رحمه الله- ألف (نخبة الفكر) وهو مقيم في بلاده بمصر، وذلك في عام 812 ? كما أرّخ تلميذه السخاوي (3) .
وهذا القول يُعكّر عليه ما اشتهر من أنه ألفها وهو مُسافر، وسبب الشهرة مُستند إلى بيت جاء في نظم النخبة للأمير الصنعاني هو:
أَلَّفَهَا الحَافِظُ في حَالِ السَّفَرْ وَهْوَ الشِّهَابُ بْنُ عَلِيِّ بْنُ حَجَرْ
وفي نسخة: (ألّفها الحافظ ثاقب النظر) (4) وهي أصوب، ولو كان الشأن راجعا لاختلاف النسخ لهان الأمر، إلا أن الإمام الصنعاني -رحمه الله- لما شرح هذه المنظومة التي سمّاها (قصب السكر) بشرحه الذي سمّاه (إسبال المطر) ، نقل عن العلامة ابن الوزير -رحمه الله، وكان عصري الحافظ- خبرا لم أقف على من وافقه عليه، وبدا لي فيه نظر على ضوء ما جاء عند المترجمين للحافظ ولحياته
__________
(1) في فتح الباري 10/280 قول الحافظ رحمه الله: (العرب تُطلق ذلك وتُريد الدعاءَ بِطُولِ البقاء لِلمُخاطبِ بِذلك) ؛ وذلك في شرحه لدعائه صلى الله عليه وسلم للطفلة (أَمَة) المُكنّاة (أم خالد) : «أَبْلِي وَأَخْلِقِي» ؛ قال: (أي أنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلَق) ، والشاعر يدعو للحافظ - والله يرحمهما- بدوام مجده وعزّه.
(2) الشُّحْرُور في الأصل: طائر أسود فُوَيق العصفور يُصوّت أصواتا، لسان العرب (ش ح ر) 4/398، وكأنّ ناظمها بدا له ربطُ أبياته هذه باسم شُهرته.
(3) الجواهر والدرر 2/677.
(4) كما في شرح المنظومة للشيخ عبد الكريم مراد ص (19) .
الصفحة 138
498