كتاب نخبة الفكر - دراسة عنها وعن منهجها

رقيقاً؛ في غاية الأدب والتوقير للحافظ، مع مُحاولات كبيرة لبسط العُذر في ذلك للحافظ، بعبارات في قمّة التلطُّف، وأصدق التودُّد، وبأسلوب في أوج البلاغة؛ قال: ((لكنه بقي عليه - فيه- ما يَقيه من العين، ولا يُشْعَرُ بمثله إلا في سواد العين:
كَفُوفَةِ الظُّفْرِ لا يُدْرَى بموضعِها ... ومِثْلُها في سواد العين مشهورُ (1)
وذلك لكثرة اشتغاله في أوان ارتحاله، لا لِقصور في عرفانه، فهو إمام زمانه، فرأيت أن أُقلّل مِمّا وقع نقدي عليه، فأما الإحصاء (2) فلا سبيل إليه، إذ السهو والخطأ والنسيان مِن صفة كل إنسان، فأتدلّل عليه بِزيادة يسيرة، أو تحرير عبارة، عدْلاً لاّ عدْواً، لاعترافي أنّ الكتابَ كتابُهُ لفظاً ومعنىً ... )) إلى أن قال: (( ... إلا ما زدته فيه من الدلائل، غَيْرَةً على دعاويه العواطل؛ مِن مُّشابهتها للدعاوي البواطل ... )) (3) .
وقد نقل الصنعاني هذه الجملة في شرحه لمنظومته: (قصب السكر) الذي سمّاه: (إسبال المطر على قصب السكّر) عند شرحه للبيت الذي قال فيه:
ألّفها الحافظ في حال السفرْ ... وهو الشهاب بن علي بن حجرْ
__________
(1) فوفة الظُّفر: البياض الذي يكون في أظفار الأحداث، كما في لسان العرب (ف وف) 9/273، ويعني حديثي الولادة؛ والجامع بين فوفة الظُّفر وبياض العين شفافيّة البياض؛ إلا أن الفوفة مُلاحمة لِظُفر الوليد لا تتميّز عنه؛ فلذلك وُصفت بالخفاء، والله أعلم، ولم أقف على قائل هذا البيت.
(2) كأنه ضمّن الإحصاء معنى اللوم، والتضمين بابه واسع، أو استعمل الإحصاء هنا بلازم معناه، فأراد - بحسب السياق- معنى اللوم، وأصل الإحصاء: العدُّ، وذلك لأن اللوم يترتّب على تعديد المُؤاخذات، والله أعلم.
(3) ل 120 ب من نسخة (برلين) ، ول 20 أمن نسخة الحرم المكي.

الصفحة 151