كتاب مقدمات النكاح

وفَعَلَه الصحابة رضي الله عنهم من بعده، ولم ينقل إلينا بأنه واجب كما نقلت إلينا الواجبات الأخرى كالصلاة والصيام وما أشبه ذلك.
وقد لام النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الرهط في الصحيحين من ترك النكاح فقال: "من رغب عن سنتي فليس مني" وفي الحديث عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالباءة وينهى عن التبتل (1) . والمراد بالتبتل الانقطاع عن النكاح أو عن النساء إلى العبادة. (2)
الترجيح: الراجح والله أعلم هو مذهب جمهور أهل العلم.
وقد أجابوا عن أدلة الظاهرية: بأن الأمر فيها ليس للوجوب والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم الصحابة الإلزام المعهود في مثل الواجبات ولو ألزمهم لبلغ إلينا ذلك.
وأما حديث عكّاف فأجابوا عنه من وجهين:
أولاً: إن هذا الحديث ضعيف، لأنه من رواية معاوية بن يحيى الصدفي وهو متكلم فيه، ضعيف الحديث ليس بقوي. (3)
ثانياً: على فرض صحة الحديث، قالوا: لعل عكّافاً توفرت فيه شروط الوجوب، فترغيبه له لا يدل على أن هذا الأمر سائغ لجميع الناس.
وأجابوا عن أدلة الشافعية:
الدليل الأول: من وجهين:
__________
(1) رواه أحمد في المسند 3/158 والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 81، 82 وابن حبان 6/135 وحسنه الهيثمي في المجمع 4/258
(2) انظر: شرح السنة 9/5 وفتح الباري 9/118
(3) انظر: الجرح والتعديل للحافظ الرازي 8/383، 384 رقم 1753.

الصفحة 211