كتاب مقدمات النكاح

نعم، أن الأحاديث أثبت لها أحقية، ولكن الحق في الرضى، وفي قبول النكاح من عدمه، ولكن لم تدل الأحاديث على اشتراط الولي ولا على عدمه، وقد دلت النصوص الأخرى على اشتراط الولي.
واستدل الحنفية أيضا بما يروى عن عائشة رضي الله عنها (أنها فعلت ذلك حيث زوجت المنذر بن الزبير من بنت أخيها عبد الرحمن) (1) ، وهذا دليل على أن للمرأة أن تتولى أمر النكاح لأنها زوجت غيرها فمن باب أولى أن تزوج نفسها.
وأجاب الجمهور على ذلك بأنه نظراً لمكانة عائشة وأنها من أمهات المؤمنين، فكانت المرأة من أقاربها تخطب إليها، ثم تقوم عائشة بمقتضى الأمر من المشاورة ثم تقول لأقرب الرجال إليها: «قم فتول النكاح فإن النساء لا يلين النكاح» .
هذا هو الثابت عن عائشة، وأنه لم يرد في حديث عائشة التصريح بأنها باشرت العقد. (2)
أما من المعقول:
إن المرأة تتولى التصرف في جميع أموالها في البيع والشراء من غير استئذان، فتتصرف في نفسها من غير إذن.
وأجاب الجمهور فقالوا: أن هذا القياس غير صحيح، لأن عقد البيع عقد يسير والخسارة فيه مقبولة، والغبن فيه مردود، لثبوت الخيار فيه، بخلاف عقد
__________
(1) رواه أبي شيبة في مصنفه 4/134 والبيهقي في كتاب النكاح باب لا نكاح إلا بولي 7/112، 113.
(2) انظر: الحاوي 9/150 وفتح الباري 9/186

الصفحة 262