كتاب مقدمات النكاح

النكاح فهو عقد ليس كسائر العقود، عقد يترتب عليه المصالح والفوائد، ولا فسخ فيه، والخسارة والغبن فيه لها آثار سلبية تتضرر بها المرأة. وما عُرف من ضعف المرأة، وسرعة انخداعها، وقلة خبرتها، كان لزاما أن يتولى العقد الرجال.
قَال في المغني: ولأن المرأة إنما منعت الاستقلال بالنكاح لقصور عقلها فلا يؤمن انخداعها ووقوعه منها على وجه المفسدة. (1)
أدلة القول الثالث:
قَالوا: نفرق بين الشريفة والدنيئة، لأن المراد من الولي هو حفظ المرأة وصيانة المرأة بأن تتزوج من غير كفء، وبأقل من مهر المثل، وهذا ينطبق على الشريفة، فمخافة أن تتزوج الشريفة من غير كفء أو بأقل من مهر المثل ألزمنا الولي في جانبها، وأما الدنيئة فلها أن تتزوج بمن تشاء وذلك لأنها لا تُعيّر سواء تزوجت بكفء أو غير كفء.
وقال الجمهور: أن هذا الكلام غير مقبول، لأن ما من امرأة دنيئة إلا ويوجد من الرجال من هو أدنى منها، وما من شريفة إلا ويوجد من الرجال من هو أشرف منها، فوجب إسقاط الفرق بينهما. (2)
ثم إن التفريق يحتاج إلى دليل، ولا دليل معكم، وجميع النصوص التي وردت في اشتراط الولي لم تفرق بين الشريفة والدنيئة، فالمرأة حينئذ على حد سواء في اشتراط الولي. قَال ابن عبد البر: ولإجماع العلماء على أن لا فرق بينهما في الدماء، وسائر الأحكام كذلك ليس في شيء منها، فرق بين الوضيع
__________
(1) المغني 9/44.
(2) انظر: الحاوي 9/44.

الصفحة 263