كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

رُءُوسَهُمْ وَيَقُولونَ مَتَى هُوَ قُل عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} (1)
وهذا يتضمن فيما يتضمنه التوجيه بتعلم صيغ الجدال والحوار ومعرفة متى يتكلم الداعية وكيف وبماذا.. مما هو من مؤهلات الدعاة ومقوماتهم الخطابية.
(ب) اتخاذه صلى الله عليه وسلم الخطابة أسلوباً في الدعوة:
لقد اتخذ النبي عليه الصلاة والسلام من الخطابة أسلوبا عمليا مباشراً في إيصال دعوته وأداء برسالته سواء خطبه الراتبة أيام الجمعة أو خطبه العارضة في النوازل وغيرها، فعامة الأحاديث النبوية القولية هي في حقيقتها مقاطع من خطبه البيانية الوعظية.
لقد كان أصحابه يرونه ويعاينونه وهو يخطب بين أظهرهم ولننقل لمحة عن هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في خطبه مما سطره يراع الإمام ابن القيم رحمه لله تعالى قال: ((فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في خطبته: خطب صلى الله عليه وسلم على الأرض وعلى المنبر وعلى البعير وعلى الناقة، وكان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وكان لا يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله، وأما قول كثير من الفقهاء إنه يُفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار وخطبة العيدين بالتكبير فليس معهم فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم البتة، وسنته تقتضي خلافه وهو افتتاح جميع الخطب
__________
(1) سورة الإسراء: 49 - 51

الصفحة 337