كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

وكان مدار خطبه صلى الله عليه وسلم على حمد الله والثناء عليه بآلائه وأوصاف كماله ومحامده وتعليم قواعد الإسلام وذكر الجنة والنار والمعاد والأمر بتقوى الله وتبيين موارد غضبه ومواقع رضاه فعلى هذا كان مدار خطبه.
وكان يقول في خطبه: "أيها الناس إنكم لن تطيقوا أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به ولكن سددوا وأبشروا" (1)
وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم ولم يكن يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله ويتشهد فيها بكلمتي الشهادة ويذكر فيها نفسه باسمه العلم، وثبت عنه أنه قال: "كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء" (2) ولم يكن له شاويش يخرج بين يديه إذا خرج من حجرته ولم يكن يلبس لباس الخطباء اليوم لا طرحة ولا زيقا واسعا، وكان منبره ثلاث درجات فإذا استوى عليه واستقبل الناس أخذ المؤذن في الأذان فقط ولم يقل شيئا قبله ولا بعده فإذا أخذ في الخطبة لم يرفع أحد صوته بشيء البتة لا مؤذن ولا غيره. وكان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها وهو على المنبر، كذا ذكره عنه أبو داود عن ابن شهاب وكان الخلفاء الثلاثة بعده يفعلون ذلك وكان أحيانا يتوكأ على قوس ولم يحفظ عنه أنه توكأ على سيف وكثير من الجهلة يظن أنه كان يمسك السيف على المنبر إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف وهذا جهل قبيح من وجهين أحدهما أن المحفوظ أنه صلى الله عليه وسلم توكأ على العصا وعلى القوس، الثاني: أن الدين إنما قام بالوحي وأما
__________
(1) سورة التغابن: 15
(2) ت: النكاح (1106) وقال حسن صحيح غريب، د: الأدب (4201) ، صحيح ابن حبان (2797)

الصفحة 339