كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

السيف فلمحق أهل الضلال والشرك ومدينة النبي صلى الله عيه وسلم التي كان يخطب فيها إنما فتحت بالقرآن ولم تفتح بالسيف. وكان إذا عرض له في خطبته عارض اشتغل به ثم رجع إلى خطبته، وكان يخطب فجاء الحسن والحسين يعثران في قميصين أحمرين فقطع كلامه فنَزل فحملهما ثم عاد إلى منبره ثم قال: صدق الله العظيم {إِنَّمَا أَمْوَالكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (1) رأيت هذين يعثران في قميصيهما فلم أصبر حتى قطعت كلامي فحملتهما، وجاء سليك الغطفاني وهو يخطب فجلس فقال له: «قم يا سليك فاركع ركعتين وتجوز فيهما» ثم قال وهو على المنبر: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" (2)
وكان يقصر خطبته أحيانا ويطيلها أحيانا بحسب حاجة الناس وكانت خطبته العارضة أطول من خطبته الراتبة وكان يخطب النساء على حدة في الأعياد ويحرضهن على الصدقة. والله أعلم)) (3)
وفي هذه اللمحة عن الخطابة النبوية يتبين لنا أهم أسس الخطابة وصفات الخطيب والمعايير التي ينبغي أن تراعى في الخطيب البارع والخطابة البليغة.
(ج) تقويمه الخطباء وتصويبه لأخطائهم:
لقد كانت الخطباء تخطب بين يديه، سواء كانوا من خطباء المجتمع المدني أو من خطباء الوفود القادمة من مختلف أنحاء الجزيرة العربية بعد الهجرة، وممن
__________
(1) سورة التغابن: 15
(2) متفق عليه: خ: الجمعة (930) ، م: الجمعة (875)
(3) زاد المعاد1/186-199 وفي خطبته صلى الله عليه وسلم النساء، الصحيحين: خ: الحيض (3304) ، م: الإيمان (80)

الصفحة 340