كتاب النشوز بين الزوجين

يتركها تصنع ما تشاء؟.
لقد أرشد القرآن الكريم إلى اتخاذ الطرق الحكيمة في معالجة هذا النشوز والعصيان، فأمر بالصبر والأناة، ثم بالوعظ والإرشاد، ثم بالهجر في المضاجع، فإذا لم تنفع كل هذه الوسائل، ورأى الزوج أن في ضربها كسراً لشأفة كبريائها واستعلائها، وخفضاً لصلفها ونشوزها، فيباح له - حينئذ - أن يضربها ضرباً غير مبرح، حيث اضطرته إلى ذلك، وللضرورة أحكامها. فضربها للتأديب والإصلاح أقل ضرراً من إيقاع الطلاق عليها إذا هي تمادت في عصيانها، ولم ترجع للطاعة وأداء الحق؛ إذ الطلاق هدم لكيان الأسرة وتمزيق لشملها. ثم إن الضرب ليس إهانة للمرأة - كما قد يظن البعض - وإنما هو طريق من طرق التقويم والتأديب والإصلاح، ينفع في بعض الحالات مع بعض النفوس التي لا ينفع معها الجميل، ولا يقيمها إلا التأديب (1) .
وفي تفسير المنار: يستكبر بعض مقلدة الإفرنج في آدابهم منا مشروعية ضرب المرأة الناشز، ولا يستكبرون أن تنشز وتترفع عليه، فتجعله وهو رئيس البيت مرؤوساً، بل محتقراً، وتصر على نشوزها حتى لا تلين لوعظه ونصحه، ولا تبالي بإعراضه وهجره، ولا أدري بم يعالجون هؤلاء النواشز، وبم يشيرون على أزواجهن أن يعاملوهن به، لعلهم يتخيلون امرأة ضعيفة نحيفة، مهذبة أديبة، يبغي عليها رجل فظ غليظ، فيطعم سوطه من لحمها الغريض، ويسقيه من دمها العبيط، ويزعم أن الله تعالى أباح له مثل هذا ... وحاش لله أن يأذن بمثل هذا الظلم أو يرضى به ... (2) .
__________
(1) انظر: روائع البيان في تفسير آيات الأحكام، للشيخ محمد بن علي الصابوني 1/474-475؛ بشيء من الزيادة والتصرف.
(2) انظر: تفسير المنار 5/74.

الصفحة 35