كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

منهم من خلده التاريخ ومنهم من طواه الغيب..
(ب) ومن خصائص التدرب على البيان أنه من المطالب العالية والمقاصد المنيفة، وإنما تسمو المطالب بسمو النيات والغايات، والمسلمون من أرفع الأمم في البيان بمقتضى رسالة الإسلام التي يحملونها وهي رسالة بيان وبلاغ فهم خير أمة أخرجت للناس، ولحكمة يريدها الله كان العرب قد فاقوا غيرهم من الأمم في قوة البلاغة ونصاعة البيان، تدل عليه الشواهد الآتية:
- الإعجاز القرآني:
فالله تبارك وتعالى تحداهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن فعجزوا قال تعالى: {قُل فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} (1)
ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله فعجزوا قال تعالى: {أَمْ يَقُولونَ افْتَرَاهُ قُل فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} (2) ، ثم تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة فعجزوا قال تعالى: {أَمْ يَقُولونَ افْتَرَاهُ قُل فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (3) وقال في موضع: {وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلنَا عَلى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لمْ تَفْعَلوا وَلنْ تَفْعَلوا فَاتَّقُوا النَّارَ التِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّتْ للكَافِرِينَ} (4)
__________
(1) سورة القصص: 49
(2) سورة هود: 13
(3) سورة يونس: 38
(4) سورة البقرة: 23 - 24

الصفحة 352