كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

ويتدرب الخطيب وفق المعايير الآتية:
أولا: المعايير التوافقية (الصفات الفطرية) : وهي المعايير التي من خلالها يعرف الخطيب الموهوب، ولا يكون سبيلها الكسب والتحصيل بل الصقل والتهذيب.
وكثير من الخطباء المصاقع لا تكتشف موهبتهم في الخطابة إلا بعد طول الممارسة والإلقاء لذا يلاحظ بجلاء التحسن النوعي في أداء الخطيب كلما طالت ممارسته للخطابة وتم تقويمه على الأسس العلمية التجريبية السليمة. وتتلخص أهم المعايير التوافقية في الآتي:
1- جهارة الصوت:
بحيث يكون قوياً مسموعا مستساغا، تتقبله الآذان وتقبل عليه النفوس، ولا بد من مراعاة هذين الأمرين أعني قوة الصوت وعذوبته. فإذا بدأ خطبته فالأوفق أن يبدأ بصوت يناسب المقام ثم يرفعه رويدا رويداً كلما أوغل في الخطبة كما في حديث جابر رضي الله عنه قال: «كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة: يحمد الله ثم يثني عليه ثم يقول إثر ذلك وقد علا صوته "بعثت أنا والساعة كهاتين ... " (1)
والخطيب البارع يكيّف صوته حسب الظروف التي تحيط به وعدد المستمعين وسعة المكان ومكانة الموضوع وخطورته، فيرفع صوته تارة ويخفضه تارة بحسب ذلك ويراعي الوقفات والسكتات كما يراعي نبرة الصوت ارتفاعا وانخفاضا، والأسلوب الخطابي تنويعا وتجديداً، فنبرة الاستفهام غير نبرة التعجب، ونبرة التأكيد غير نبرة الاستعطاف، ونبرة الإعلام والتعليم ليست كنبرة التوبيخ.. وهكذا..
__________
(1) م: الجمعة (867)

الصفحة 373