كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون" (1)
والمتشدق هو المتطاول على الناس في الكلام وقيل الذي يتكلم من طرف شدقه تكبرا وتطاولا، وقوله (والمتفيهقون) أي: المتكبرون. ومن هذا الباب ما ورد عن السلف في ذم الكلام وذلاقة اللسان بغير حجة ولا برهان، وشتان بين العلم والبيان، وبين ما هو أشبه بكلام جهال القصاص والمغالطين، وما أحسن ما قال الإمام أحمد رحمه الله في بشر المريسي إمام الجهمية قال كان صاحب خطب لم يكن صاحب حجج بل هذا الكلام دون كلام أهل الخطب والحجج (2)
ومن المعيب- أيضا - الوقوع في اللحن، وقد خافه كبار الخطباء والبلغاء والخلفاء، قال الأصمعي: قيل لعبد الملك بن مروان: أسرع إليك الشيب! فقال: وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة مرة أو مرتين، وقيل له أسرع إليك الشيب! قال: وتنسى ارتقاء المنبر ومخافة اللحن! (3)
ومن الحكمة أن يقيّم الخطيب المتدرب نفسَه وفق معايير الفصاحة السابق ذكرها، وأن يوقفه الأستاذ المدرب على عيوبه في النطق، وفي مخارج الحروف، وفي الأخطاء اللغوية والبلاغية، وفي الوقوع اللحن أو خلوه منه، وفي طريقة الأداء، كي تصقل ملكته الخطابية وتنجم مهارته البيانية.
3 - سرعة البديهة:
هو وصف لازم للخطيب المصقع، لأن الخطيب إنما هو بمثابة المعلم
__________
(1) ت: البر والصلة (2018) ، قال في مجمع الزوائد 8/21: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح
(2) انظر بيان تلبيس الجهمية 1/370
(3) البداية والنهاية 9/ 68 - 69

الصفحة 379