كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

(أسمعتم) ونحو ذلك مما هو معيب ممجوج. وإما فعلية كالعبث باللحية وفرقعة الأصابع أو الإكثار من التنحنح بغير حاجة..
الأمر الثاني: الخلو من مظاهر الحصر والعي، وهي كثيرة منها: تصبب العرق أثناء الخطاب وبرودة الأطراف وجفاف الحلق وسرعة ضربات القلب أو الخفقان وبحة الصوت.والحصر كما يقول علماء النفس أمر طبيعي في الأغلب فلا يجفلن منه الخطيب المبتدئ، إذ يعرض لجل الناس ولا يمكث إلا ثوان ثم يزول مع مواصلة الخطابة، وإنما يصاب به من الناس من يميلون بالطبع إلى الانعزال والانطواء والتقوقع حول ذواتهم.
وعلاج الحصر والعيّ يكمن في ثلاثة أمور:
أولها: أن يتسم الخطيب بروح المشاركة والمداعبة، ويحاول جاهدا مغالبة طبعه الانطوائي، وكثير من الطباع تتغير وتتحور بمغالبة النفس المستمرة وبقوة الإرادة والعزيمة، فلا يترك مجالا اجتماعيا إلا ويضرب فيه بسهم حتى يزول الحاجز النفسي الوهمي بينه وبين الناس، فإن النفس تجنح إلى الإلف والعادة فإذا تعودت الحديث والمرح اعتادته، وإذا عودت الصمت الدائم والصرامة في كل الأحوال اعتادتها أيضا.
الثاني: الممارسة والتدرب والمران، فإن المرء لا يولد خطيبا وإنما تولد معه موهبة الخطابة وعليه استحثاثها وصقلها وتنميتها بكثرة الممارسة والتدرب والتجربة، ومع التدرب لابد من التقويم، وقد يتعثر الخطيب في بداية حياته الخطابية وتكون له كبوة وكبوة، ثم ومع الأيام يتمرس ويتعود ويشتد عوده وتقوى عارضته وينصع بيانه ويجل كلامه، فيصبح مع الأيام خطيبا مصقعا مفوها لا يشق له غبار، ولا يكتشف له عوار!

الصفحة 383