كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

دقيقا في تعبيره متحريا الصواب في موضوع خطبته لا سيما ما يتعلق بالعقيدة وبخاصة التوحيد ولوازمه ومقتضياته حديث عدي بن حاتم أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت، قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى" (1)
وأما العلم المدني فعماده التجريب والدليل العلمي، ولا بد أن يأخذ الخطيب من كل علم من العلوم المدنية والكونية بطرف! وقد تنوعت العلوم المدنية اليوم وانتشرت فعصرنا عصر الثورة العلمية كما يقول المثقفون: والعلوم التخصصية المتاحة كثيرة كالطب بفروعه المتعددة، والزراعة، والهندسة بأنواعها، والفلك، والكونيات، والعلوم الإنسانية، وغيرها كثير..
ولكل علم في كتاب الله بيان وذكر، إما على الإشارة والإجمال وإما على سبيل التفصيل والتوضيح، والخطيب البارع هو الذي يرتقي بخطبته إلى مستوى علمي يشبع في المستمعين توجهاتهم الفكرية ويثري فيهم الجانب المعرفي فلا يغفل تلك العلوم بالاقتباس منها، والاستدلال الصحيح على ما هو بصدده، ويربط ما يود الاستدلال به بالقضايا الإيمانية التي يتحدث فيها، لا سيما وقد شاعت هذه العلوم اليوم وذاعت وانتشرت.
وفي تحقيق هذا المعيار لتقويم الخطيب توضع عادة نقاط إيجابية في قائمة التقويم العلمي منها: قدرة الخطيب على استيفاء أهم عناصر الخطبة، وقدرته على جمع الأدلة والاستدلال بها استدلالا صحيحا، وقدرته على الربط بين عناصر وأجزاء الخطبة، ومدى تحقيقه لعنصر الجدة والأصالة.
__________
(1) م: الجمعة (870) ، د: الصلاة (926) ، ن: النكاح (3279)

الصفحة 388