كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

3- الصدق في القول والعمل والقصد: وحسبنا دلالة على فضل الصدق وأهميته ورفعته أنه حلية أهل الإيمان والتقى، وأن ضده الكذب سمت أهل النفاق والشقاق!
إن للصدق لتأثير عجيبا في سلوك الإنسان وسمته وهدية ودله! وإنك لتكاد تعرف الخطيب أو الواعظ الصادق من غيره، وقد قال قديما أحد أبناء الوعاظ يا أبت إن فلانا من الوعاظ اعلم منك لكنه لا يصل إلى القلوب كما تصل؟ فقال يا بني ليست النائحة الثكلى كالمستأجرة!
وصدق العمل هو بيت القصيد فالكلام كثير والمواعظ أكثر والناس في عصرنا لا يحتاجون إلى الخطب الرنانة والمواعظ الطنانة بقدر ما يحتاجونه من العمل الصادق والقدوة الحسنة والامتثال الحي وفي التنزيل الحكيم: {يَاأَيُّهَا الذِينَ آَمَنُوا لمَ تَقُولونَ مَا لا تَفْعَلونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولوا مَا لا تَفْعَلونَ} (1)
ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه" (2)
وفيما تقدم الوعيد الشديد لمن خالف قوله فعله، وتناقضت علانيته وسره، والخطباء والوعاظ والمربون هم أولى الناس بالصدق في الالتزام بما يقولون ويعظون ويدرسون.
__________
(1) سورة الصف: 1 - 3
(2) متفق عليه: خ: بدء الخلق (3267) ، م: الزهد (2989)

الصفحة 389