كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

هذا بعض ما ورد في أهمية الاعتناء بالمظهر والهيئة من أناقة وتشذيب وأن ذلك نمط إسلامي يلتزمه المسلم في حياته العامة والخاصة، لاسيما في المناسبات كالخطب ونحوها دون غلو ولا تهاون، وينبغي للداعية أن يكون على هذا المنوال في سائر أحواله لأنه موضع القدوة سيحتى في زيه وسمته ومظهره فلا يعدل عن الزينة المباحة إلى الرثاثة مع قدرته على تجنبها.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "البذاذة من الإيمان" (1) والبذاذة هي التقشف فيحمل على التواضع في اللباس وتجنب الإسراف فيه والفخر به، لأن المراد هنا ترك الترفع والتنطع في اللباس، والتواضع فيه مع القدرة لا لسبب جحد نعمة الله كما قال ابن حجر في الفتح.
ومن العناية بالمظهر الاعتناء بلباس التقوى في الأقوال والأفعال، فيعفي لحيته إتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويحف شواربه بأن يأخذ مها ويقلم أظافره ويستاك ويتطيب ولا يسبل إزاره.. إلى غير ذلك من سنن الفطرة.
ومن تطابق قوله وفعله وتناسب سمته وهيئته صار له من القبول في القلوب بقدر إخلاصه وصدقه ورفعه الله عز وجل بذلك درجات في الدنيا والآخرة. قال ابن قدامة: ((ويستحب أن يكون في خطبته متخشعا متعظا بما يعظ الناس به لأنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عرض علي قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقيل لي: هؤلاء خطباء أمتك يقولون ما لا
__________
(1) د: الترجل (3630) ، ماجة: الزهد (4118) ، أحمد: الأنصار (21289) قال الحاكم في المستدرك على الصحيحين 1 / 51 (18) .
قد احتج مسلم بصالح بن أبي صالح السمان أحد رجال الحديث وقال ابن حجر في الفتح 10/ 368 هو حديث صحيح.

الصفحة 399