كتاب النشوز بين الزوجين

وجملة ذلك أن أصل الشقاق إما من الشق، وهو الجانب، فإن كل واحد من المتخالفين صار في شق غير شق الآخر. وإما المشاقة، مفاعلة من الشقاق، وهو الخلاف، فإن كلا من المتخالفين يفعل ما يشق على الآخر.
وقولُه: (شقاق بينهما) أصله: شقاقاً بينها، فأضيف الشقاق إلى الظرف
((بين)) على سبيل الاتساع، إما لإجراء الظرف مجرى المفعول به، كقوله: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَار} (1) ، أصله: بل مكر في الليل والنهار. أو مجرى الفاعل، بجعل البين مشاقاً، والليل والنهار ماكرين، كما في قولهم: نهاره صائم (2) .
وفي تفسير القرطبي: قوله: {شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} المراد: وإن خفتم شقاقاً بينهما، فأضيف المصدر إلى الظرف، كقولك: يعجبني سير الليلة المقمرة، وصوم يوم عرفة، وفي التنْزيل: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَار} (3) ؛ وقيل: إن ((بين)) أجري مجرى الأسماء، وأزيل عنه الظرفية، إذ هو بمعنى حالهما وعشرتهما، أي وإن خفتم تباعد عشرتهما وصحبتهما (4) .
والضمير في ((بينهما)) عائد على الزوجين المفهومين من سياق الكلام ابتداءً من قوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} .
__________
(1) سورة سبأ، آية: (33) .
(2) انظر: الكشاف للزمخشري 1/525، وحاشية محي الدين زاده على تفسير البيضاوي 2/34، وتفسير الآلوسي 5/26.
(3) سورة سبأ، الآية: (33) ، {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَاداً ... } .
(4) تفسير القرطبي 5/175.

الصفحة 42