كتاب تدريب الدعاة على الأساليب البيانية

والحديث دليل على تحريم الكذب لإضحاك القوم وهذا تحريم خاص. ويحرم على السامعين سماعه إذا علموه كذبا لأنه إقرار على المنكر بل يجب عليهم النكير أو القيام من الموقف)) (1)
وقسم الغزالي الكذب إلى: واجب ومباح ومحرم، وقال: ((إن كل مقصد محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه حرام وإن أمكن التوصل إليه بالكذب وحده فمباح إن أنتج تحصيل ذلك المقصود وواجب إن وجب تحصيل ذلك وهو إذا كان فيه عصمة من يجب إنقاذه وكذا إذا خشي على الوديعة من ظالم وجب الإنكار والحلف وكذا إذا كان لا يتم مقصود حرب أو إصلاح ذات البين أو استمالة قلب المجنى عليه إلا بالكذب فهو مباح وكذا إذا وقعت منه فاحشة كالزنا وشرب الخمر وسأله السلطان فله أن يكذب ويقول ما فعلت)) ثم قال: ((وينبغي أن تقابل مفسدة الكذب بالمفسدة المترتبة على الصدق فإن كانت مفسدة الصدق أشد فله الكذب وإن كانت بالعكس أو شك فيها حرم الكذب، وإن تعلق بنفسه استحب أن لا يكذب وإن تعلق بغيره لم تحسن المسامحة بحق الغير، والحزم تركه حيث أبيح.
واعلم أنه يجوز الكذب اتفاقا إلا في ثلاث صور كما أخرجه مسلم في الصحيح، قال ابن شهاب رحمه الله: لم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها (2)) ) (3) .
__________
(1) سبل السلام 4 / 202
(2) الحديث المشار إليه رواه مسلم: البر والصلة (2605)
(3) إحياء علوم الدين المجلد 3 ص 1594 ط: دار الفكر 1356هـ

الصفحة 434