كتاب النشوز بين الزوجين

الزوج، والآخر من أهل الزوجة (1) .
وظاهر الأمر في قوله تعالى: {فَابْعَثُوا} أنه للوجوب، وبه قال الشافعي، لأنه من باب رفع الظلامات، وهو من الفروض العامة الواجبة على الولاة (2) .
والمراد ببعثهما إرسالهما إلى الزوجين، لينظرا في شكوى كل منهما، وما يدعيه على الآخر، وليعرفا ما يرجى أن يصلح بينهما. وذلك إذا أشكل أمر الزوجين بسبب استمرار النزاع المعبر عنه بالشقاق، كأن يدعي عليها الزوج النشوز، وتدعي عليه هي ظلمه وتقصيره في حقوقها، ثم لا يفعل الزوج الصلح ولا الصفح ولا الفرقة، ولا تؤدي المرأة الحق ولا الفدية (3) .
وظاهر النص الأمر ببعث الحكمين عند حصول الشقاق بين الزوجين، ليجتهدا في الإصلاح والتوفيق بينهما، وإزالة ما بينهما من الوحشة والشقاق، ومعرفة مصدر الشكوى من كل منهما، وإقناع كل منهما بالحق، وتذكيره بما أوجب الله عليه لصاحبه من حسن الصحبة وجميل العشرة، وما يلحقه من الإثم والعقاب بالمخالفة والعصيان، وما عسى أن يترتب على ذلك من انحلال عرى الزوجية، وهدم كيان الأسرة، وضياع الولد إن كان. فإن أعياهما إصلاح حالهما، ورأيا التفريق بينهما، فهل لهما ذلك دون الزوجين، أم ليس لهما تنفيذ أمر يلزم الزوجين بدون إذن منهما؟.
__________
(1) انظر: الكشاف للزمخشري 1/525، وتفسير القرطبي 5/175، والبحر المحيط 3/629، وتفسير آيات الأحكام للشيخ محمد علي السايس 2/101.
(2) تفسير آيات الأحكام للسايس 2/100، وروائع البيان في تفسير آيات الأحكام للصابوني 1/471-472.
(3) انظر: تفسير القرطبي 5/175، والبحر المحيط 3/629-630، وتفسير الخازن 2/63، وتفسير الآلوسي 5/26، وتفسير القاسمي 5/1223.

الصفحة 46