كتاب النشوز بين الزوجين

المسألة خلافية:
1- فذهبت طائفة إلى أنهما حاكمان، ولهما أن يفعلا ما يريان فيه المصلحة، من جمع وتفريق، بعوض وغير عوض، ولا يحتاجان إلى توكيل الزوجين ولا رضاهما. والتفريق في ذلك طلاق بائن؛ وبهذا قال مالك، وإسحاق، والأوزاعي، وهو مروي عن علي، وابن عباس، والشعبي، والنخعي، وسعيد بن جبير، وابن المنذر (1) .
واستدلوا بقولِه تعالى: {حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} فسماهما حكمين، ولم يعتبر رضا الزوجين. قالوا: فهذا نص من الله سبحانه في أنهما قاضيان لا وكيلان، وللوكيل اسم في الشريعة ومعنى، وللحكم اسم في الشريعة ومعنى، فإذا بين الله سبحانه كل واحد منهما فلا ينبغي أن يركب معنى أحدهما على الآخر (2) .
وأخرج ابن جرير الطبري بسنده من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} قال: فهذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما، فأمر الله سبحانه أن يبعثوا رجلاً صالحاً من أهل الرجل، ومثله من أهل المرأة، فينظران أيهما المسيء، فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته، وقصروه على النفقة، وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها النفقة، فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز، فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين، وكره
__________
(1) انظر: المغني لابن قدامة 10/264، والمحلى لابن حزم 10/87-88، وزاد المعاد
5/190، وتفسير الطبري 5/73-74، وتفسير القرطبي 5/176.
(2) أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي 1/424.

الصفحة 47