كتاب أثر التوجيه الشرعي في الدلالة اللغوية لبعض المناهي اللفظية

والرجال والخيل (1) .
وهو فارسي معرَّب (لشْكَر) (2) ، أبدلت اللام فيه عينا (عشكر) ، والشين سينا (عسكر) وإنما لم تبقَ العين مع وجود اللام في العربية؛ لأنّ اللام لا توجد هكذا في أمثلة الرباعي إلا في نحو (لَجْلَج) (3)
وقد عرف العرب مادة (ع س ك ر) ، واستعملوها في معان خاصة، مثل: الشِدَّة والجدْب، من ذلك قول طرفة:
ظلّ في عسكرة من ُحبِّها ونأتْ شحْطَ مزار المدَّكر
أي: ظلّ في ِشدة من حبِّها وحَيْرة (4) . وعساكر القوم: ما ركب بعضه بعضا وتتابع، وعسْكُرالليلِ: ظلْمتُه، والعسكر الجمع، وعسكر مكرم: اسم بلد معروف، وعسكرٌ من مال: أي كثير (5) .
أما اختصاص (العسكر) بالجيش، فقد عرفه العرب عن طريق اللغة الفارسية؛ إذ سمعوا الفرس يقولون: (لشكر) أي: الجيش المحارِب، فعرّبوها وقالوا: (عسكر) (6) . والذي دعاهم لذلك: أنه لا يوجد في كلام العرب شين بعد لام، كما قال ابن سيدة (ت458?) في المحكم: ((ليس في كلام العرب شين بعد لام في كلمة عربية محضة. الشينات كلها في كلام العرب قبل اللامات)) (7) ؛ ولهذا قال أبو
__________
(1) تصحيح الفصيح وشرحه، لابن درستويه: 488، والصحاح: 2/640.
(2) شرح الفصيح، للزمخشري: 2/672
(3) التعريب في القديم والحديث: 69، والمخصص: 14/224.
(4) ديوان طرفة: 52.
(5) اللسان (عسكر) : 4/567، والعشرات في غريب اللغة: 105، ورسالة في الكلمات المعربة: 803.
(6) التعريب في القديم والحديث: 82، والمزهر: 1/280.
(7) المزهر: 1/275.

الصفحة 470