كتاب أثر التوجيه الشرعي في الدلالة اللغوية لبعض المناهي اللفظية

أصلها في لغة العرب: (الكرْد) بمعنى: العنق، فأبقوا اللفظة على معناها، وزادوا لها النون (كرْدَن) .
وتُقلب كاف (كردن) قافا: (قردن) ويبقى المعنى كما هو، فيقال: (الكردن والقردن) ، قال الليث (ت 175?) : ((الكْرد لغة في القْرد، وهو مجْسَم الرأس على العنق)) (1) . والذي سوّغ ذلك: تقارب مخرج الكاف والقاف، فقد وصف سيبويه مخرجي القاف والكاف بقوله: ((ومن أقصى اللسان وما فوقه من الحنك الأعلى مخرج القاف. ومن أسفل من موضع القاف من اللسان قليلا ومما يليه من الحنك الأعلى مخرج الكاف)) (2) . وقال ابن يعيش (643?) : ((والقاف والكاف من حيّز واحد، فالكاف أرفع من القاف وأدنى إلى مقدم الفم، وهما لهويتان؛ لأن مبدأهما من اللهاة)) (3) . وهما يتعاقبان كثيرا في الكلمة، حتى أصبح صوت القاف كالكاف الفارسية (4) .
وقد طرأ على لفظة (كرْدَن) تغيير في العصر الحديث من حيث النطق والكتابة، ومن حيث المدلول العام: إذ أضيف لها حرف الواو (كردون) ، ولم يعد معناها مستخدما للدلالة على العنق (الكرد) ، بل أصبح دالا على ذلك الوشاح المذهّب الذي يُلفّ على الكتف، والذي يُلبس عادة أثناء الزيارات الرسمية، وأثناء خروج الطلاب العسكريين من كلياتهم العسكرية إلى منازلهم، وفي الاحتفالات الرسمية. ولكن نظرا للتجاور والتلازم بين العنق والكتف، نُقل
__________
(1) التهذيب (كرد) :10/108، والمعرب: 534.
(2) الكتاب: 4/433.
(3) شرح المفصل: 10/124.
(4) البحر المحيط: 8/ 395.

الصفحة 476