كتاب النشوز بين الزوجين

يجوز لغيرهما التصرف فيه إلا بوكالة منهما، أو ولاية عليهما (1) .
يقول أبو بكر الجصاص: لو أقر الزوج بالإساءة إليها لم يفرق بينهما، ولم يجبره الحاكم على طلاقها قبل تحكيم الحكمين، وكذلك لو أقرت المرأة بالنشوز لم يجبرها الحاكم على خلع ولا على رد مهرها، فإذا كان كذلك حكمهما قبل بعث الحكمين، فكذلك بعد بعثهما لا يجوز إيقاع الطلاق من جهتها من غير رضى الزوج وتوكيله، ولا إخراج المهر من ملكها من غير رضاها ... ولأن الحاكم لا يملك ذلك فكيف يملكه الحكمان (2) .
ويقول ابن جرير الطبري في معرض ترجيحه لهذا القول: وأي الأمرين كان، فليس لهما - أي للحكمين - ولا لواحد منهما الحكم بينهما بالفرقة، ولا بأخذ مال إلا برضا المحكوم عليه بذلك، وإلا ما لزم من حق لأحد الزوجين على الآخر في حكم الله، وذلك ما لزم الرجل لزوجته من النفقة والإمساك بمعروف إن كان هو الظالم لها، فأما غير ذلك فليس ذلك لهما، ولا لأحد من الناس غيرهما، لا السلطان ولا غيره، وذلك أن الزوج إن كان هو الظالم للمرأة فللإمام السبيل إلى أخذه بما يجب لها عليه من حق، وإن كانت المرأة هي الظالمة زوجها، الناشزة عليه، فقد أباح الله له أخذ الفدية منها، وجعل إليه طلاقها، - على ما قد بيناه في سورة البقرة - وإذا كان الأمر كذلك لم يكن لأحد الفرقة بين رجل وامرأة بغير رضا الزوج، ولا أخذ مال من المرأة بغير رضاها بإعطائه، إلا بحجة يجب التسليم لها من أصل أو قياس. وإن بعث الحكمين السلطان، فلا
__________
(1) انظر: المحلى 10/87، والمغني 10/264، وتفسير القرطبي 5/177، والتحرير والتنوير 5/46-47.
(2) أحكام القرآن للجصاص 2/191.

الصفحة 52