كتاب النشوز بين الزوجين

حافظ عليهم، حتى يجازي كلا منهم جزاءه واستحقاقه (1) .
كما أن في ذلك مزيد ترغيب وتأكيد للحكمين والزوجين في إرادة الإصلاح، وتحذير عن المساهلة في هذا الأمر.
وفي تفسير المنار: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} أي إنه كان فيما شرعه لكم من هذا الحكم (عليماً) بأحوال العباد وأخلاقهم وما يصلح لهم، (خبيراً) بما يقع بينهم وبأسبابه الظاهرة والباطنة، فلا يخفى عليه شيء من وسائل الإصلاح بينهما.
وإني لأكاد أبصر الآية الحكيمة تومئ بالاسمين الكريمين إلى أن كثيراً من الخلاف يقع بين الزوجين، فيظن أنه مما يتعذر تلافيه هو في الواقع ونفس الأمر ناشئ عن سوء التفاهم لأسباب عارضة، لا عن تباين في الطباع أو عداوة راسخة، وما كان كذلك يسهل على الحكمين الخبيرين بدخائل الزوجين لقربهما منهما، أن يمحصا ما علق من أسبابه في قلوبهما، إذا ما حسنت النية وصحت الإرادة (2) .
قال الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}
الروايات والآثار الواردة حول المراد بالآية وسبب نزولها:
أخرج أبو داود بسنده عن هشام بن عروة عن أبيه، قال: قالت عائشة: يا ابن أختي، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه
__________
(1) انظر: تفسير الطبري 5/77، وتفسير السعدي 1/320.
(2) تفسير المنار 5/79.

الصفحة 57