كتاب النشوز بين الزوجين

عندنا، وكان قلَّ يوم إلا وهو يطوف علينا جميعاً، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التي هو يومها، فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفرقت (1) أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، يومي لعائشة، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، قالت: نقول في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها، أراه قال: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً} (2) .
وأخرج البخاري في صحيحه بسنده عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً} قالت: الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثر، يريد أن يفارقها، فتقول: أجعلك من شأني في حل، فنزلت هذه الآية في ذلك (3) .
وأخرجه البخاري أيضا في موضع آخر من صحيحه بسياق أتم، ولفظه: عن عائشة رضي الله عنها: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً ... } قالت: هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، فيريد طلاقها ويتزوج غيرها، تقول له: أمسكني ولا تطلقني، ثم تزوج غيري، فأنت في حل من النفقة عليَّ والقسمة لي، فذلك قولُه تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (4) .
وأخرج سعيد بن منصور في سننه، قال: أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه عروة، قال: أنزل الله تعالى في سودة وأشباهها: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً} وذلك أن سودة كانت امرأة قد أسنت، ففزعت
__________
(1) الفَرَق، بالتحريك: الخوف. انظر: لسان العرب، مادة ((فرق)) .
(2) سنن أبي داود، كتاب النكاح، برقم: (2135) .
(3) صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري، كتاب التفسير، برقم: (4601) .
(4) صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري، كتاب النكاح، برقم: (5206) .

الصفحة 58