كتاب النشوز بين الزوجين

المرء إذا نشز عن امرأته وآثر عليها، فإن من الحق أن يعرض عليها أن يطلقها أو تستقر عنده على ما كانت من أثرة في القسم من ماله ونفسه، فإن استقرت عنده على ذلك، وكرهت أن يطلقها، فلا حرج عليه فيما آثر عليها من ذلك، فإن لم يعرض عليها الطلاق، وصالحها على أن يعطيها من ماله ما ترضاه وتقر عنده على الأثرة في القسم من ماله ونفسه، صلح له ذلك، وجاز صلحها عليه، كذلك ذكر سعيد بن المسيب، وسليمان الصلح الذي قال الله عز وجل: {فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (1) .
وبعد ذكر تلك الروايات والآثار حول المراد بالآية وسبب نزولها، هذا شروع في تحليل مفرداتها وتفصيل معناها ودلالاتها:
نشوز الزوج، وإعراضه، مفهومه، وأسبابه، وكيفية معالجته
قوله: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً}
الخوف هنا مستعمل في حقيقته، بظهور إمارات تدل عليه، كأن ترى المرأة من زوجها تجافياً عنها وترفعا عن صحبتها، بترك مضاجعتها، أو التقصير في بعض حقوقها؛ وقيل: هو التوقع لما يكره، بوقوع بعض أسبابه؛ وقيل: معنى خافت: علمت، وقيل: ظنت (2) . والأول هو المتبادر من ظاهر اللفظ ودلالة السياق؛ والله أعلم.
__________
(1) السنن الكبرى للبيهقي 7/296.
(2) انظر: تفسير الطبري 5/305، والكشاف للزمخشري 1/568، وتفسير الفخر الرازي 11/65-66، والبحر المحيط لأبي حيان 4/86، وتفسير الآلوسي 5/161، وتفسير المنار 5/445.

الصفحة 60