كتاب النشوز بين الزوجين

قال أبو حيان: والخوف هنا على بابه، لكنه لا يحصل إلا بظهور أمارات ما تدل على وقوع الخوف، ولا ينبغي أن يخرج عن الظاهر، إذ المعنى معه يصح (1) .
والبعل: هو الزوج، وجمعه بعولة، قال تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (2) ، والأصل في البعل أنه السيد، وسمي الزوج بعلاً لكونه كالسيد لزوجته (3) .
قولُه: (نشوزاً) : النشوز بين الزوجين هو كراهة أحدهما صاحبه وترفعه عن رتبة حسن العشرة معه، لعدم رضاه، فالنشوز الترفع والكبر وما يترتب عليهما من سوء المعاملة، مشتق من النشز، وهو ما ارتفع من الأرض، وقد تقدم بيانه. وهو كما يكون من المرأة في حق زوجها - كما سبق إيضاحه عند تفسير قوله تعالى: {وَاللَّاتِيتَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} - يكون من الرجل في حق امرأته، كما هنا. والمراد به هنا: استعلاء الرجل بنفسه عن امرأته وترفعه وتجافيه عنها، بأن يمنعها نفسه ومودته، فيسيء معاشرتها، ويترك مضاجعتها، ويقصر في حقوقها، إما كراهة لها، أو رغبة عنها إلى غيرها، أو لغير ذلك من الأسباب (4) .
قولُه: (أو إعراضاً) الإعراض: الميل والانحراف عن الشيء، والمراد هنا: انصراف الرجل عن امرأته بوجهه أو ببعض منافعه التي كانت لها منه، مثل أن
__________
(1) البحر المحيط 4/86.
(2) سورة البقرة، آية: (228) .
(3) انظر: اللسان، مادة (بعل) ، وانظر: تفسير الفخر الرازي 11/66.
(4) انظر: تفسير الطبري 5/305، والمحرر الوجيز لابن عطية 2/119، والكشاف للزمخشري 1/568، والبحر المحيط 4/86، وتفسير الفخر الرازي 11/66، وتفسير المنار 5/445، وتفسير القاسمي 5/1593.

الصفحة 61