كتاب النشوز بين الزوجين
الإطلاق، ويدخل في هذا المعنى جميع ما يقع عليه الصلح بين الرجل وامرأته في مال أو وطء أو غير ذلك. فالصلح على ترك بعض الحق استدامة لحرمة النكاح وتمسكاً بعقد الزوجية خير من طلب الفرقة والطلاق، فإن رابطة الزوجية من أعظم الروابط وأحقها بالحفظ والوفاء (1) .
والمراد هنا أنه إذا تصالح الزوجان على شيء فذلك خير من أن يتفرقا أو يقيما على النشوز والإعراض وسوء العشرة، أو هو خير من الخصومة، فالألف واللام في الصلح للعهد، ويعني به ((صلحاً)) السابق في قوله: {أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً} . وإثبات الخيرية للمفضل عليه على سبيل الفرض والتقدير، أي إن يكن فيه خير فهذا أخير منه، وإلا فلا خيرية فيما ذكر، ويجوز أن لا يراد بـ ((خير)) التفضيل، بل يراد به المصدر أو الصفة، أي أنه خير من الخيور، كما أن الخصومة شر من الشرور، فاللام للجنس، وقيل: إن اللام على التقدير تحتمل العهدية والجنسية، وجملة ((والصلح خير)) اعتراضية مؤكدة ومقررة لما قبلها، وفائدتها الترغيب في المصالحة (2) .
ويرجح الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله: أن التعريف في قوله:
(والصلح خير) تعريف الجنس، وليس تعريف العهد، قال: لأن المقصود إثبات أن ماهية الصلح خير للناس، فهو تذييل للأمر بالصلح والترغيب فيه ... ، ولأن فيه التفادي عن إشكال تفضيل الصلح على النّزاع في الخيرية، مع أن النّزاع لا خير فيه أصلاً ... وقولُه: ((خير)) ليس هو تفضيلاً ولكنه صفة مشبهة، وزنه
__________
(1) انظر: تفسير الطبري 5/306، والمحرر الوجيز لابن عطية 2/120، وتفسير القرطبي
5/406، وتفسير السعدي 1/386.
(2) انظر: تفسير الفخر الرازي 11/68، والبحر المحيط، لأبي حيان 4/86-87، وتفسير الآلوسي 5/162.
الصفحة 69
498