كتاب النشوز بين الزوجين

الزوجين وشحها بحقها قبل الآخر هو الأظهر، والله أعلم.
يقول الفخر الرازي: يحتمل أن يكون المراد منه أن المرأة تشح ببذل نصيبها وحقها، ويحتمل أن يكون المراد أن الزوج يشح بأن يقضي عمره معها، مع دمامة وجهها، وكبر سنها، وعدم حصول اللذة بمجانستها (1) .
وقد ذكر ابن جرير الطبري - رحمه الله - الوجهين السابقين في تفسير قوله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} مرجحاً ما اختاره منهما، حيث يقول: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: وأحضرت أنفس النساء الشح على أنصبائهن من أنفس أزواجهن وأموالهن. ثم أخرج هذا المعنى مسنداً عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعطاء، والسدي، ثم قال: وقال أخرون: معنى ذلك: وأحضرت نفس كل واحد من الرجل والمرأة الشح بحقه قبل صاحبه، وأخرج هذا المعنى بسنده عن ابن زيد، قال: لا تطيب نفسه أن يعطيها شيئا فتحلله، ولا تطيب نفسها أن تعطيه شيئاً من مالها فتعطفه عليها.
ثم يقول ابن جرير بعد ذلك: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى بذلك: أحضرت أنفس النساء الشح بأنصبائهن من أزواجهن في الأيام والنفقة. والشح: الإفراط في الحرص على الشيء، وهو في هذا الموضع: إفراط حرص المرأة على نصيبها من أيامها من زوجها ونفقتها؛ فتأويل الكلام: وأحضرت أنفس النساء أهوائهن من فرط الحرص على حقوقهن من أزواجهن، والشح بذلك على ضرائرهن (2) .
وفي في ظلال القرآن: قوله: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} : أي أن الشح
__________
(1) تفسير الفخر الرازي 11/68.
(2) تفسير الطبري 5/310-312.

الصفحة 75