كتاب النشوز بين الزوجين

كان يحبها أكثر من غيرها (1) .
وكذا أخرجه ابن جرير الطبري بسنده عن ابن أبي مليكة، قال: نزلت هذه الآية في عائشة (2) .
وأخرج الإمام أحمد وأهل السنن عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: " اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " (3) ، يغني القلب.
وقال القرطبي: قولُه تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} أخبر تعالى بنفي الاستطاعة في العدل بين النساء، وذلك في ميل الطبع بالمحبة والجماع والحظ من القلب، فوصف الله تعالى حالة البشر، وأنهم بحكم الخلقة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض دون بعض (4) .
وقولُه: {وَلَوْ حَرَصْتُمْ} أي على إقامة العدل، وبالغتم في ذلك، فإن الميل يقع في القلب بلا اختيار.
قولُه: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} أي لا تميلوا بدافع تلك المودة والميل القلبي إلى إحداهن عن الأخرى ميلا كثيراً، فتعرضوا بذلك عن الأخرى، ولا تؤدون ما يجب لها من حق وحسن معاشرة، بل يجب عليكم أن تتقوا الله في هذا الأمر، وتفعلوا ما في وسعكم واستطاعتكم من القيام بالعدل بينهن في النفقة والكسوة والقسم في المبيت والفراش ونحو ذلك مما هو في مقدوركم واختياركم.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) تفسير الطبري 5/314.
(3) مسند الإمام أحمد 6/144، وسنن أبي داود، برقم: (2134) ، والترمذي، برقم:
(1140) ، والنسائي 7/64، وابن ماجة، برقم: (1971) .
(4) تفسير القرطبي 5/407.

الصفحة 81