كتاب النشوز بين الزوجين

الظاهرة، والميل الذي يحرم الأخرى حقوقها، فلا تكون زوجة ولا مطلقة (1) .
قوله تعالى: {وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً}
أي وإن تصلحوا فيما بينكم وبين أزواجكم بوجه من وجوه الصلح، وتقوموا بما يلزم من العدل والتسوية بينهن فيما يملكون، وتتقوا ظلمهن وتفضيل بعضهن على بعض فيما يدخل تحت إرادتهم من المعاملات الاختيارية، كالقسم والنفقة ونحوها، فلا تميلوا كل الميل، ولا تجوروا فيما تطيقون العدل فيه.
{فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} يغفر لكم ما دون ذلك، مما لا يدل في اختياركم، وعجزتم عن القيام به لضعفكم، ويرحمكم في دنياكم وأخراكم، فإنه تعالى كان وما زال غفوراً للتائبين، رحيما بالمؤمنين، فشأنه سبحانه المغفرة والرحمة لعباده (2) .
يقول ابن جرير الطبري رحمه الله: قوله: {وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} يعني بذلك جل ثناؤه: وإن تصلحوا أعمالكم أيها الناس، فتعدلوا في قسمكم بين أزواجكم، وما فرض الله لهن عليكم من النفقة والعشرة بالمعروف، فلا تجوروا في ذلك، {وَتَتَّقُوا} يقول: وتتقوا الله في الميل الذي نهاكم عنه، بأن تميلوا لإحداهن على الأخرى، فتظلموها في حقها، فما أوجبه الله لها عليكم؛ {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً} يقول: فإن الله يستر عليكم ما سلف منكم من ميلكم وجوركم عليهن قبل ذلك، بتركه عقوبتكم عليه، ويغطي ذلك عليكم
__________
(1) في ظلال القرآن 2/770.
(2) وانظر: تفسير ابن كثير 2/431، وتيسير اللطيف المنان للسعدي ص 113، وتفسير المنار 5/449، وأيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للشيخ أبي بكر الجزائري 1/464.

الصفحة 85