كتاب مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور

. وَقد ذكر الشَّيْخ الفراهي أَن عَمُود سُورَة الْأَعْرَاف هُوَ إنذار أهل الْقرى، وتوعُّدهم بالهزيمة، وَتَقْرِير غَلَبَة الْحق.. (1) .
وَهَذَا حقٌّ، وَيدل عَلَيْهِ مَا سبق من كلامٍ فِي (ملامح السُّورَة) الَّتِي هِيَ ((قصُّ رحْلَة موكب الْإِيمَان حَامِلا العقيدة)) ، وَالَّتِي تُستنبط من نتائج هَذِه الْقَصَص الْمَذْكُورَة فِيهَا، من نصر الله أنبياءه وَرُسُله،، ودوران الدائرة على أعدائهم.. بداية من لعن الشَّيْطَان الرَّجِيم وتحقير شَأْنه، وَحَتَّى تَمْكِين الْمُسْتَضْعَفِينَ من بني إِسْرَائِيل فِي الأَرْض بعد دمار فِرْعَوْن وَجُنُوده.. فَهَذِهِ النهايات كلهَا تذكير لـ (أهل الْقرى) من مُشْركي مَكَّة، وَمن كل الطغاة من بعدهمْ بِأَن نور الله غَالب، وَأَن كَلمته هِيَ الْبَاقِيَة، وَأَن جنده هم المنصورون.
(3) مَقَاصِد السُّورَة: بِالْإِضَافَة إِلَى الْمَقْصد الرئيس السَّابِق، والمعبَّر عَنهُ بـ (عَمُود السُّورَة) ، وَالَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَيْضا البقاعي بقوله: ((.. ومقصودها إنذار من أعرض عَمَّا دَعَا إِلَيْهِ الكتابُ فِي السُّور الْمَاضِيَة، من التَّوْحِيد والاجتماع على الْخَيْر، وَالْوَفَاء لما قَامَ على وُجُوبه من الدَّلِيل فِي الْأَنْعَام، وتحذيره بقوارع الدَّاريْنِ)) (2) .. بِالْإِضَافَة إِلَى هَذَا؛ ثمَّة مَقَاصِد أُخْرَى تنطوي فِي هَذَا الْمَقْصد الْأَعَمّ.. وَقد أحسن عرض هَذِه الْمَقَاصِد الشَّيْخ الطَّاهِر بن عاشور - رَحمَه الله -.. وَعنهُ نذكرها - ملخَّصةً ومنسقةً - (3) ..
1 - تَقْرِير التَّوْحِيد، وَالنَّهْي عَن اتِّخَاذ الشُّرَكَاء من دون الله، وإنذار الْمُشْركين.
__________
(1) دَلَائِل النظام، ص 94
(2) مصاعد النّظر، 2/130
(3) انظرها مفصلة فِي: التَّحْرِير والتنوير، 8/8، 9

الصفحة 125