كتاب مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور

5 - نسبته: نِسْبَة هَذَا الْعلم إِلَى عُلُوم الْقُرْآن الْأُخْرَى كنسبة النتيجة إِلَى الْمُقدمَات، وَالثَّمَرَة إِلَى أَجزَاء الشَّجَرَة.. أَو - كَمَا يَقُول البقاعى - كنسبة علم الْمعَانِي وَالْبَيَان من النَّحْو (1) ، وَلَو قَالَ: من اللُّغَة، لَكَانَ أدق، فَهُوَ خُلَاصَة مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ أبحاث الْقُرْآن الْمجِيد، الَّتِي تتعرض لبَيَان نُزُوله، وأسبابه ومحكمه ومتشابهه، وعامِّه وخاصِّه، وغريبه.. إِلَى آخر هَذِه المباحث الضافية. وَلذَلِك، فَإِنَّهُ يتطلب قبل الْكَلَام فِيهِ هضماً محكماً لجَمِيع هَذِه المباحث الْجُزْئِيَّة، حَتَّى يصل الباحث إِلَى استخلاص القضايا الْكُلية من بَين جزئياتها، والمقاصد الْعَامَّة من بَين تفصيلاتها.. وَمن ثمَّ، يصل إِلَى استكناه إعجاز الْقُرْآن فِي سوره وَجُمْلَته، بِحَيْثُ ينظر إِلَيْهِ كالكلمة الْوَاحِدَة.
6 - استمداده: مَادَّة هَذَا الْعلم - كَمَا سبق آنِفا - هِيَ جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِالْقُرْآنِ الْكَرِيم
من بحوث جزئية مِمَّا تعرض لَهُ الكاتبون فِي عُلُوم الْقُرْآن، إِلَّا أَن أَكثر هَذِه البحوث لصوقاً بِهِ مَا تعلق مِنْهَا بعلوم البلاغة الْعَرَبيَّة والتذوق الأدبي، نظرا لِأَنَّهَا الركيزة الأساسية فِي تذوق كَلَام الله - تَعَالَى - ومحاولة إِدْرَاك إعجازه، وَلذَلِك وجدتُ أغلب من كتب فِيهِ من الْمُتَأَخِّرين من المهتمين بِهَذِهِ الجوانب الفنية والأدبية؛ لكَونهَا أَدَاة إِدْرَاك الإعجاز الأولى.
7 - مسَائِله: لعلم الْمُنَاسبَة مَسْأَلَتَانِ رئيستان: الأولى: النّظر فِي التناسب بَين السُّورَة الْوَاحِدَة. وَالثَّانيَِة النّظر فِي التناسب فِيمَا بَين السُّور بَعْضهَا وَبَعض. وتتفرع عَن هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ مسَائِل أُخْرَى جزئية: فَفِيمَا يتَعَلَّق بِالْأولَى مِنْهُمَا،
__________
(1) مصاعد النّظر للإشراف على مَقَاصِد السُّور، برهَان الدّين البقاعي، تَحْقِيق د. عبد السَّمِيع مُحَمَّد أَحْمد حسنين، مكتبة المعارف - الرياض، ط1/1408? - 1987م، 1/142.

الصفحة 19