كتاب مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور

وَلَعَلَّ من أهم هَذِه الدراسات مَا قَامَ بِهِ الْأُسْتَاذ أَمِين الخولي - رَحْمَة الله - (ت 1966م) وتلامذته من أَبنَاء (مدرسة الْأُمَنَاء) ، الَّذين كَانُوا أوفياء لمنهجه فِي دراسة عُلُوم البلاغة وَالْأَدب والنقد فِي قِرَاءَة الْقُرْآن الْمجِيد.. وأبرز أَبنَاء هَذِه (الْمدرسَة) السيدة الجليلة الدكتوره عَائِشَة عبد الرَّحْمَن (بنت الشاطئ) - عَلَيْهَا رَحْمَة الله - (ت 1998م) ، وَالَّتِي كَانَت وفية لشيخها وَزوجهَا الْأُسْتَاذ أَمِين الخولي، وحريصة على حمل لِوَاء منهجه، تأصيلاً وتطبيقاً فِي آنٍ.. وَفِي ذَلِك تَقول: ((.. وَالْأَصْل فِي مَنْهَج التَّفْسِير الأدبي - كَمَا تلقيته عَن شَيْخي - هُوَ التَّنَاوُل الموضوعي، الَّذِي يفرغ لدراسة الْمَوْضُوع الْوَاحِد فِيهِ، ليجمع كل مَا فِي الْقُرْآن عَنهُ، ويهتدي بمألوف اسْتِعْمَاله للألفاظ والأساليب، بعد تَحْدِيد الدّلَالَة اللُّغَوِيَّة لكل ذَاك. وَهُوَ مَنْهَج يخْتَلف تَمامًا عَن الطَّرِيقَة الْمَعْرُوفَة فِي تَفْسِير الْقُرْآن سُورَة سُورَة، حَيْثُ يُؤْخَذ اللَّفْظ أَو الْآيَة فِيهِ مقتطعاً من سِيَاقه الْعَام فِي الْقُرْآن كُله، مِمَّا لَا سَبِيل مَعَه إِلَى الاهتداء إِلَى الدّلَالَة القرآنية لألفاظه، أَو استجلاء ظواهره الأسلوبية وخصائصه البيانية.
وَقد طبق بعض الزملاء هَذَا الْمنْهَج تطبيقاً ناجحاً فِي مَوْضُوعَات قرآنية اختاروها لرسائل الدكتوراه والماجستير، وأتجه بمحاولتي الْيَوْم إِلَى تطبيق الْمنْهَج فِي تَفْسِير بعض سورٍ قصار، ملحوظ فِيهَا وحدة الْمَوْضُوع، فضلا عَن كَونهَا جَمِيعًا من السُّور المكية، حَيْثُ الْعِنَايَة بالأصول الْكُبْرَى للدعوة الإسلامية. وقصدتُ بِهَذَا الاتجاه إِلَى توضيح الْفرق بَين الطَّرِيقَة الْمَعْهُودَة فِي التَّفْسِير، وَبَين
__________
هِيَ سور الضُّحَى، وَالشَّرْح، والزلزلة، والنازعات، وَالْعَادِيات، والبلد، والكوثر، وَقد أتبعت بنت الشاطئ هَذِه الْمَجْمُوعَة من السُّور الْقصار بمجموعتين أُخْرَيَيْنِ فِي كتابين (أَو جزئين) مستقلين، صَدرا لاحقاً بعد طبعة الْجُزْء الأول (1962م) .

الصفحة 49