كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 3)

وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا» [ (27) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَنَا فِي رَكْبٍ وَلَا نَكُونُ مِائَةً وَأَمَرَنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ، فَأَغَرْنَا عَلَيْهِمْ وَكَانُوا كَثِيرًا، فَلَجَأْنَا إِلَى جُهَيْنَةَ فَسَرَيْنَا، وَقَالُوا لِمَ تُقَاتِلُونَا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَقُلْنَا: إِنَّمَا نُقَاتِلُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ مَنْ أَخْرَجَنَا مِنَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ، وكان الفيء إذا ذَاكَ أَنَّ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، فَقَالَ بعضنا: نأتي غير قُرَيْشٍ هَذِهِ فَنَقْتَطِعُهَا، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا، بَلْ نُقِيمُ مَكَانَنَا.
قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِي،
فَقُلْنَا: نَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخْبِرُهُ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ غَضْبَانَ مُحْمَرَّ الْوَجْهِ، فَقَالَ: ذَهَبْتُمْ مِنْ عِنْدِي جَمِيعًا، وَجِئْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْفُرْقَةُ، وَلَأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلًا لَيْسَ بِأَخْيَرِكُمْ: أَصْبَرُكُمْ عَلَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، فَبَعَثَ عَلَيْنَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَحْشٍ [ (28) ] ، وَكَانَ أَوَّلَ أَمِيرٍ أَمَّرَهُ فِي الإسلام» .
__________
[ (27) ] الخبر في السيرة لابن هشام (2: 238) .
[ (28) ] عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشِ بن رئاب بن يعمر الأسدي، أحد السابقين، هاجر إلى الحبشة، وإلى المدينة، وآخى النبي صلى اللَّه عليه وسلم بينه وبين عاصم بن ثابت، أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلم على أول سرية في الإسلام، وشهد بدرا، وكان من أعظم أبطال غزوة أحد، واستشهد فيها على يد أبي الحكم بن الأخنس بن شريق الذي قتل كافرا قبل انتهائها، وكان عبد الله من جملة الشهداء الذين مثّل بهم المشركون ونساؤهم، ومن حديثه أنه دعا قبل الغزوة، فقال: اللهم ارزقني غدا رجلا شديدا بأسه فيقتلني، ثم يأخذني، فيجدع أنفي، وأذني، فإذا لقيتك قلت: يا عبد الله! فيم جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت ... وهو ابن أُمَيْمَةُ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.. ودفن هو وحمزة في قبر واحد، وكان له يوم قتل نيف وأربعون سنة.

الصفحة 14