كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 3)
فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ، قُلْ: قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ، وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [ (3) ] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
فَحَدَّثَهُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ: أَنَّ الْقِتَالَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ حَرَامٌ كَمَا كَانَ، وَإِنَّ الَّذِي يَسْتَحِلُّونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ: مِنْ صَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ حِينَ يَسْجُنُونَهُمْ وَيُعَذِّبُونَهُمْ وَيَحْبِسُونَهُمْ أَنْ يُهَاجِرُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُفْرِهِمْ بِاللهِ، وَصَدِّهِمُ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ، وَإِخْرَاجِهِمْ أَهْلَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهُمْ سُكَّانُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِتْنَتِهِمْ إِيَّاهُمْ عَنِ الدِّينِ.
فَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَلَ ابْنَ الْحَضْرَمِيِّ وَحَرَّمَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ كَمَا كَانَ يُحَرِّمُهُ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [ (4) ] .
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم عَبْدَ اللهِ بْنَ جَحْشٍ إِلَى نَخْلَةَ فَقَالَ لَهُ: كُنْ بِهَا حَتَّى تَأْتِيَنَا بِخَبَرٍ مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِقِتَالٍ، وَذَلِكَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ أَيْنَ يَسِيرُ، فَقَالَ: اخْرُجْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ، حَتَّى إِذَا سِرْتَ يَوْمَيْنِ، فَافْتَحْ كِتَابَكَ وَانْظُرْ فِيهِ فَمَا أَمَرْتُكَ بِهِ فَامْضِ لَهُ، وَلَا تَسْتَكْرِهَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ عَلَى الذَّهَابِ مَعَكَ، فَلَمَّا سَارَ يَوْمَيْنِ فَتَحَ الْكِتَابَ فَإِذَا فِيهِ:
أَنِ امْضِ حَتَّى تَنْزِلَ نَخْلَةَ [بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ] [ (5) ] ، فَتَأْتِيَنَا مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ بِمَا
__________
[ (3) ] الآية الكريمة (217) من سورة البقرة.
[ (4) ] أول سورة التوبة.
[ (5) ] الزيادة من سيرة ابن هشام.
الصفحة 18
474