كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 3)

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ عَلِيًّا طَعَنَهُ تَرْقُوَتَهُ، حَتَّى أَخْرَجَهَا مِنْ مَرَاقِّهِ، فَمَاتَ فِي الْخَنْدَقِ، وَبَعَثَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَرُونَ جِيفَتَهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ لَكُمْ. لَا نَأْكُلُ ثَمَنَ الْمَوْتَى.
قَالَ: وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ فَنَادَى، مَنْ يُبَارِزُ فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ مُقَنَّعٌ فِي الْحَدِيدِ، أَظُنُّهُ عَمْرًا فَقَالَ: أَنَا لَهَا يَا نَبِيَّ اللهِ. فَقَالَ: إِنَّهُ عَمْرٌو اجْلِسْ، وَنَادَى عَمْرٌو، أَلَا رَجُلٌ وَهُوَ يُؤَنِّبُهُمْ وَيَقُولُ أَيْنَ جَنَّتُكُمُ الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ دَخَلَهَا. أَفَلَا تُبْرِزُونَ إِلَيَّ رَجُلًا؟ فَقَامَ عَلِيٌّ فَقَالَ: [أَنَا] [ (20) ] يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: اجْلِسْ، ثُمَّ نَادَى الثالثة، فقال:
وَلَقَدْ بُحِحْتُ مِنَ النِّدَاءِ ... بِجَمْعِكُمْ: هَلْ مِنْ مُبَارِزْ
وَوَقَفَتُ إِذْ جَبُنَ الْمُشَجَّعُ ... مَوْقِفَ الْقِرْنِ الْمُنَاجِزْ
وَلِذَاكَ إِنِّي لَمْ أَزَلْ ... مُتَسَرِّعًا قَبْلَ الْهَزَاهِزْ
إِنَّ الشَّجَاعَةَ فِي الْفَتَى ... وَالْجُودَ مِنْ خَيْرِ الْغَرَائِزْ
فَقَامَ عَلِيٌّ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا، فَقَالَ: إِنَّهُ عَمْرٌو. قَالَ: وَإِنْ كَانَ عَمْرًا. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَشَى إِلَيْهِ. حَتَّى أَتَاهُ وهو يقول:
لا تعجلنّ فقد أتاك ... مُجِيبُ صَوْتِكَ غَيْرُ عَاجِزْ
ذُو نِيَّةٍ وَبَصِيرَةٍ ... وَالصِّدْقُ مَنْجَى [ (21) ] كُلِّ فَائِزْ
إِنِّي لأرجو أن أقيم ... عَلَيْكَ نَائِحَةَ الْجَنَائِزْ
مِنْ ضربة نجلاء ... يبقى ذِكْرُهَا عِنْدَ الْهَزَاهِزْ
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَمَنْ أَنْتَ. قَالَ: أَنَا عَلِيٌّ. قَالَ: ابْنُ عَبْدِ مناف فقال:
__________
[ (20) ] سقطت من (أ) .
[ (21) ] في (ح) رسمت: «منجا» .

الصفحة 438