كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 3)

وَالنِّسَاءَ فِي الْحُصُونِ، مَخَافَةَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَرَّ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ لَهُ مُقَلَّصَةٌ [ (26) ] قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا ذِرَاعُهُ، وَفِي يَدِهِ حَرْبَتُهُ تَوَقَّدُ [ (27) ] ، وهو يقول:
لَبِّثْ قَلِيلًا فَيَشْهَدِ الْهَيْجَا حَمَلْ ... لَا بَأْسَ بِالْمَوْتِ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ [ (28) ]
فَقَالَتْ أُمُّ سَعْدٍ: الْحَقْ يَا بُنَيَّ، فَقَدْ وَاللهِ أَخَّرْتَ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا أُمَّ سَعْدٍ لَوَدِدْتُ أَنَّ دِرْعَ سَعْدٍ كَانَتْ أَسْبَغَ [ (29) ] مِمَّا هِيَ، فَخَافَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ أَصَابَ السَّهْمُ مِنْهُ.
زَادَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَرَمَاهُ فِيمَا حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ حَبَّانُ بْنُ قَيْسِ بْنِ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ، فَقَطَعَ مِنْ سَعْدٍ الْأَكْحَلَ [ (30) ] . فَلَمَّا أَصَابَهُ، قَالَ: خُذْهَا مِنِّي، وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ، وَكَانَ أَحَدَ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ فَقَالَ [ (31) ] سَعْدٌ: عَرَّقَ اللهُ وَجْهَكَ فِي النَّارِ. اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شيئا
__________
[ (26) ] (مقلصة) : «قصيرة» .
[ (27) ] يرفل بها: يريد يمشي بها متبخترا، وهذا بعض الروايات في هذه الكلمة. ويروي «يرقد بها» بتشديد الدال المهملة، ويروي «يرمد بها» بالميم وآخره دال مشددة،.
[ (28) ] لبث: فعل امر من التلبيث، وهو المكث والانتظار والاستهمال، وحمل- بالحاء المهملة- اسم رجل. والرجز قديم تمثل به سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ الله عنه هنا، وقد وقع في كثير من أصول الكتاب وفي تاريخ ابن كثير جمل بالجيم وهو تصحيف، والهيجاء: الحرب وأصله ممدود فقصره حين اضطر، وحان: جاء حينه ووقته.
[ (29) ] أسبغ: أكمل واضفى، والدرع السابغة: الكاملة الضافية التي تملأ مكانها وتسر صاحبها.
[ (30) ] الأكحل: عرق في الدراع.
[ (31) ] تقابل اللوحة 142 من نسخة (ح) ، وهنا سماعات في حاشية النسخة. وقد سبق ان ذكرناها في تقدمتنا للكتاب في السفر الأول.

الصفحة 441