كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 3)
وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِنَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ إِلَى أَنْ قَالَ: «فَكَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَرِيشِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَمَا معهما غيرهما وقد تدانا الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضِهِمْ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاشِدُ رَبَّهُ مَا وَعَدَهُ مِنْ نَصْرِهِ، وَيَقُولُ: اللهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ [الْيَوْمَ] [ (11) ] لَا تُعْبَدْ، وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: بَعْضَ مُنَاشَدَتِكَ لِرَبِّكَ يَا رَسُولَ اللَّه، فَإِنَّ اللَّه مُوفِيكَ مَا وَعَدَكَ مِنْ نَصْرِهِ، وَخَفَقَ [ (12) ] رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَفْقَةً ثُمَّ هَبَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ أَتَاكَ نَصْرُ اللَّه هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ يَقُودُهُ عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ- يَعْنِي الْغُبَارُ- ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَبَّأَ أَصْحَابَهُ وَهَيَّأَهُمْ وَقَالَ لَا يَعْجَلَنَّ رَجُلٌ بِقِتَالٍ حَتَّى نُؤْذِنَهُ فَإِذَا أكثبوكم [ (13) ] القوم- يقول اقْتَرَبُوا مِنْكُمْ- فَانْضَحُوهُمْ عَنْكُمْ بِالنَّبْلِ، ثُمَّ تَزَاحَمَ النَّاسُ فَلَمَّا تَدَانَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ خَرَجَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ حَصْبَاءٍ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهَا قُرَيْشًا فَنَفَحَ بِهَا فِي وُجُوهِهِمْ وَقَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ- يَقُولُ قَبُحَتِ الْوُجُوهُ- ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْمِلُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ فَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ وَهَزَمَ اللَّه قُرَيْشًا وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَأُسِرَ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ» [ (14) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّه بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ بِهَا، قَالَ: حَضَرْتُ أَحْمَدَ بْنَ سِنَانٍ مَعَ أَبِي وَجَدِّي فِي الْمَجْلِسِ، وَهُوَ يُحَدِّثُ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ بَنِي سَاعِدَةَ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ: مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ شَهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ قَالَ: «لَوْ كُنْتُ مَعَكُمْ بِبَدْرٍ الْآنَ وَمَعِي بَصَرِي لَأَرَيْتُكُمُ الشِّعْبَ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» [ (15) ] .
__________
[ (11) ] الزيادة من سيرة ابن هشام.
[ (12) ] خفق خفقة: نام نوما يسيرا.
[ (13) ] في (ص) و (هـ) : «أكثبكم» .
[ (14) ] سيرة ابن هشام (2: 267- 268) .
[ (15) ] سيرة ابن هشام (2: 274) .
الصفحة 81