كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 3)

سِيفَ [ (7) ] الْبَحْرِ مِنْ أَرْضِ جُهَيْنَةَ، فَلَقَوْا أَبَا جَهْلٍ بْنَ هِشَامٍ فِي ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَحَجَزَ بَيْنَهُمْ مَخْشِيُّ بْنُ عَمْرٍو الْجُهَنِيُّ، وَكَانَ مَخْشِيٌّ وَرَهْطُهُ حُلَفَاءَ لِلْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا، فَلَمْ يَعْصُوهُ فَرَجَعَ الْفَرِيقَانِ كِلَاهُمَا إِلَى بِلَادِهِمْ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ فَلَبِثَ رَسُولُ الله صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ غَزَا، فَأَوَّلُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مَقْدَمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ حَتَّى بَلَغَ الْأَبْوَاءَ [ (8) ] ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَرْسَلَ سِتِّينَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَلَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ أَحَدٌ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ [ (9) ] ، فَلَقَوْا بَعْثًا عَظِيمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى مَاءٍ يُدْعَى الْأَحْيَاءَ مِنْ رَابِغٍ، فَارْتَمَوْا بِالنَّبْلِ، وَانْحَازَ الْمُسْلِمُونَ وَلَهُمْ حَامِيَةٌ تُقَاتِلُ عَنْهُمْ حَتَّى هَبَطُوا ثَنِيَّةَ الْمِرَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَرْمِي عَنْ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ انْكَفَأَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ: سعد بن أبي
__________
[ (7) ] (سيف) ساحل.
[ (8) ] الأبواء قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا، وقيل: الأبواء: جبل على يمين آرة، ويمين الطريق المصعد إلى مكة من المدينة، وهناك بلد ينسب إلى هذا الجبل، وبالأبواء قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ أُمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم» .
وانظر في بعث حمزة: ابن هشام (2: 223- 224) ، وابن سعد (2: 6) ، والواقدي (1:
9) ، والطبري (2: 404) ، والدرر (96) ، والبداية والنهاية (3: 234) وسبل الهدى (4: 25) .
[ (9) ] في (ح) : عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المطلب، وله ترجمة في الإصابة (2: 449) : عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ القرشي المطلبي ... أسلم قديما، وكان رأس بني عبد مناف، وكانت أول راية عقدت في الإسلام له، واستشهد في بدر.
واختلف أهل السير في أي البعثين كان أول: أبعث حمزة، أو بعث عبيدة، فقال ابن إسحاق:
أول راية عقدها رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم، وأول سرية بعثها عبيدة بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ ابْنُ إسحاق: وبعض الناس يزعمون أنّ راية حمزة أول راية عقدها رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم، وقال المدائني: «أول سرية بعثها رسول الله صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ في ربيع الأول من سنة اثنتين إِلَى سِيفِ الْبَحْرِ مِنْ أرض جهينة.

الصفحة 9