كتاب المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح (اسم الجزء: 3)
وقَالَ الزُّهْرِيُّ: فِي الأَمَةِ الْبِكْرِ يَفْتَرِعُهَا الْحُرُّ يُقِيمُ ذَلِكَ الْحَكَمُ مِنْ الأَمَةِ الْعَذْرَاءِ بِقَدْرِ ثمنها، وَيُجْلَدُ, وَلَيْسَ فِي الأَمَةِ الثَّيِّبِ فِي قَضَاءِ الأَئِمَّةِ غُرْمٌ, وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ.
بَاب يَمِينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ إِنَّهُ أَخُوهُ إِذَا خَافَ عَلَيْهِ الْقَتْلَ أَوْ نَحْوَهُ
وَكَذَلِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ يَخَافُ فَإِنَّهُ يَذُبُّ عَنْهُ الْمَظَالِمَ وَيُقَاتِلُ دُونَهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ, فَإِنْ قَاتَلَ دُونَ الْمَظْلُومِ فَلاَ قَوَدَ عَلَيْهِ وَلاَ قِصَاصَ.
وَإِنْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ أَوْ لَتَأْكُلَنَّ الْمَيْتَةَ أَوْ لَتَبِيعَنَّ (¬1) عَبْدَكَ أَوْ لتُقِرَّنَّ بِدَيْنٍ أَوْ تَهَبَ هِبَةً وَتَحُلَّ عُقْدَةً أَوْ لَتَقْتُلَنَّ (¬2) ولدكَ أَوْ أَخَاكَ فِي الْإِسْلاَمِ وَسِعَهُ ذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ».
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَوْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ أَوْ لَتَأْكُلَنَّ الْمَيْتَةَ أَوْ لَتَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أَوْ أَبَاكَ أَوْ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ لَمْ يَسَعْهُ (¬3)، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُضْطَرٍّ, ثُمَّ نَاقَضَ فَقَالَ: إِنْ قِيلَ لَهُ لَتَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أو أَبَاكَ أَوْ لَتَبِيعَنَّ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ تُقِرَّنَّ بِدَيْنٍ أَوْ بِهِبَةٍ يَلْزَمُهُ فِي الْقِيَاسِ, وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ, وَنَقُولُ: الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَكُلُّ عُقْدَةٍ فِي ذَلِكَ بَاطِلٌ, فَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ كِتَابٍ وَلاَ سُنَّةٍ.
¬_________
(¬1) في الصحيح: لنبيعن.
(¬2) في الصحيح: لنقتلن.
(¬3) هكذا وقعت الرواية، ولم يعرفها الحافظ، وقَالَ في الفتح: وَنَبَّهَ اِبْن التِّين عَلَى وَهْمٍ وَقَعَ لِلدَّاوُدِيّ الشَّارِح، حَاصِلهُ أَنَّ الدَّاوُدِيّ وَهِمَ فِي إِيرَاد كَلاَم الْبُخَارِيّ فَجَعَلَ قَوْله "لَتَقْتُلَنَّ" بِالتَّاءِ، وَجَعَلَ قَوْل الْبُخَارِيّ وَسِعَهُ ذَلِكَ "لَمْ يَسَعْهُ ذَلِكَ".
قلت: هكذا هي رواية الأصيلي والقابسي.
قَالَ الْحَافِظُ: ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ إِنْ أَرَادَ لاَ يَسَعهُ فِي قَتْل أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ فَصَوَاب، وَأَمَّا الْإِقْرَار بِالدَّيْنِ وَالْهِبَة وَالْبَيْع فَلاَ يَلْزَم أهـ.
الصفحة 43