كتاب أخبار مكة للفاكهي (اسم الجزء: 3)

2319 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي قَدْ §أُمِرْتُ أَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ عَلَى الْجِنِّ، فَمَنْ يَذْهَبُ مَعِي؟ " فَسَكَتُوا , ثُمَّ الثَّانِيَةَ: فَسَكَتُوا , ثُمَّ الثَّالِثَةَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا أَذْهَبُ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْتَ تَذْهَبُ مَعِي ". فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا جَاءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُونَ عِنْدَ شِعْبِ أَبِي دُبٍّ خَطَّ عَلَيَّ خَطًّا وَقَالَ: " لَا تُجَاوِزْهُ ". ثُمَّ مَضَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحَجُونِ فَانْحَدَرُوا عَلَيْهِ أَمْثَالَ الْحَجَلِ يَحْدُرُونَ الْحِجَارَةَ بِأَقْدَامِهِمْ، يَمْشُونَ يَقْرَعُونَ فِي دَفُوفِهِمْ كَمَا تَقْرَعُ النُّسُورُ فِي دَفُوفِهَا، يَزُولُونَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ حَتَّى غَشَوْهُ وَلَا أَرَاهُ، فَقُمْتُ فَأَوْمَأَ إِلَيَّ بِيَدِهِ أَنِ اجْلِسْ فَتَلَا الْقُرْآنَ فَلَمْ يَزَلْ صَوْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْتَفِعُ وَلَصَقُوا بِالْأَرْضِ حَتَّى مَا أَرَاهُمْ ثُمَّ انْفَتَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ فَقَالَ: " أَرَدْتَ أَنْ تَأْتِيَنِي؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا كَانَ ذَلِكَ لَكَ , هَؤُلَاءِ الْجِنُّ أَتَوْا يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ثُمَّ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، فَسَأَلُونِي الزَّادَ فَزَوَّدْتُهُمُ الْعَظْمَ وَالْبَعْرَ فَلَا يَسْتَطِيبَنَّ أَحَدٌ بِعَظْمٍ وَلَا بَعْرٍ " قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا: وَأَمَّا مُجَاهِدٌ فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَانْطَلَقَ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ الَّذِي عِنْدَ حَائِطِ عَوْفٍ خَطَّ عَلَيَّ خَطًّا فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْهُمْ -[23]- فَقَالَ أَصْحَابُنَا: كَأَنَّهُمْ رِجَالُ الزُّطِّ، وَكَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَكَاكِيُّ، قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالُوا مَا أَنْتَ قَالَ: " أَنَا نَبِيٌّ ". فَقَالُوا: فَمَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَذِهِ الشَّجَرَةُ تَعَالَيْ يَا شَجَرَةُ ". فَجَاءَتْ تَجُرُّ عُرُوقُهَا الْحِجَارَةَ , لَهَا فَقَاقِعٌ حَتَّى انْتَصَبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " عَلَى مَاذَا تَشْهَدِينَ؟ " قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اذْهَبِي ". فَرَجِعَتْ كَمَا جَاءَتْ تَجُرُّ عُرُوقَهَا وَلَهَا فَقَاقِعٌ حَتَّى عَادَتْ حَيْثُ كَانَتْ، فَسَأَلُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الزَّادُ؟ فَزَوِّدْهُمُ الْعَظْمَ وَالْحَثَّةَ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَسْتَطِيبَنَّ أَحَدٌ بِعَظْمٍ وَلَا حَثَّةٍ " قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ فَعَرَفَهُ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ بِالْمَدِينَةِ. أَمَّا الْجِنُّ الَّذِينَ لَقُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلَةَ فَجِنُّ نِينَوَى، وَأَمَّا الْجِنُّ الَّذِي لَقُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فَجِنُّ نُصَيْبِينَ.

2320 - وَحَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: ثنا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ذَهَبْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجْنَا مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ أَوْدِيَةِ مَكَّةَ دَخَلَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَزَادَ فِيهِ قَالَ: " هَلْ تَدْرُونَ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ " قُلْتُ: لَا هَا اللهِ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَؤُلَاءِ جِنُّ نُصَيْبِينَ - أَوِ الْمَوْصِلِ يَشُكُّ سَعْدٌ - جَاءُوا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا، لَنَا الْحَيَوَانُ وَلَهُمُ الرِّمَّةُ "

الصفحة 393